كيف يتسبب البحث عن السعادة في شقائك؟
في مطلع أغسطس/آب الماضي، نشرت جمعية علم النفس الأميركية نتائج دراسة جديدة تتعلق بفهم تأثير تقييمنا الشخصي لمستوى سعادتنا ورفاهيتنا مقارنة بالآخرين. شملت الدراسة ثلاث تجارب وشارك فيها أكثر من 1800 شخص قاموا بتدوين مذكراتهم اليومية على مدى سنوات من 2009 إلى 2020، مع تنوع كبير في العينة من حيث الجنس والعمر والموقع الجغرافي.
التقييم الشخصي كعائق للسعادة
دارت الدراسة حول فرضية مفادها أن الضغوط الاجتماعية تدفع الأفراد للاعتقاد بأن السعادة تعتبر هدفاً رئيسياً، مما يدفعهم للمقارنة بين نجاحاتهم الاجتماعية والمادية ونجاحات الآخرين. وقد أظهرت النتائج أن مثل هذه المقارنات قد تؤدي إلى شعور مؤقت بالراحة أو إحباط دائم بسبب عدم تلبية المعايير الاجتماعية للسعادة.
السعادة ليست سلبية دوماً
على عكس بعض الدراسات السابقة، كشفت نتائج هذه الدراسة أن السعي لتحقيق السعادة لا ينعكس سلباً على الأفراد، طالما أنهم يتقبلون مشاعرهم الإيجابية والسلبية على حد سواء، ويواجهون الأزمات بمرونة عاطفية وتسامح مع الذات. يعد التقبل والفهم أدوات حيوية لنيل السعادة والرفاهية.
تأثير المقارنات السلبية
ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن التقييم المستمر لمستوى سعادتنا قد يكون له آثار ضارة إذا كان مرتبطاً بالمخاوف أو بالماضي أو مقارناتنا بالآخرين. هذه المشاعر يمكن أن تسبب شعوراً بالدونية، والخيبة، والقلق، والغضب، والاكتئاب، مما ينتج عنه شعور عام بالسخط وقد يمنعنا من التمتع بنجاحاتنا.
اللطف الذاتي كطريق للسعادة
تظهر نتائج باحثي جامعة كارولينا الشمالية أن سعي الشخص نحو السعادة قد يؤدي به إلى الشقاء إذا كان يمارس “الحكم الذاتي” بدلاً من “اللطف الذاتي”. وهذا يعني أن الأفراد غالباً ما يكونون قاسين مع أنفسهم، يلومون أنفسهم على الإخفاقات ويدخلون في مقارنات غير عادلة مع الآخرين، مما يجلب لهم المعاناة.
من ناحية أخرى، يعرّف كتاب “علم الأعصاب: التعاطف والرحمة واللطف الذاتي” اللطف الذاتي بأنه شعور بالرحمة والاعتناء بالنفس كما لو كنت تعتني بشخص آخر يعاني. يتضمن ذلك قبول الأخطاء والتسامح مع الذات، دون مقارنة بالأخرين أو الشعور بالظلم.
خطوات نحو الرضا
- اسع نحو هدفك، وابتعد عن سعيك نحو السعادة المطلقة. هناك طريقتان لتقييم حياتك: الأولى تكون بالسعي نحو الهدف والاهتمام بالجهد المبذول، والثانية بالانشغال بالمستقبل ومخاوف التعاسة.
- لا تدع طموحك يؤثر على أهدافك، فقد تتشكل صورة طموحة غير واقعية، مما يؤثر سلباً على تقييمك.
- استغل خيبة الأمل إذا لم تحقق هدفك، لا تجعلها تعيقك بل اعتبرها حافزاً نحو التعلم.
- ذكر دانييل غيلبرت، أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد، أن التفكير في المستقبل قد يكون ساخراً، وقد يؤدي القلق إلى إنجازات، ولكن ينبغي أن نكون واقعين في توقعاتنا.
- للحصول على حياة ذات معنى، ليست السعادة المطلوبة وإنما الرضا والقبول والمرونة مع الواقع.
- تمن الخير للآخرين، وادرك أن دعوتك للناس تحمل معنى أعمق من الكلمات.
رابط المصدر