فروق بين الإنكار الأيديولوجي والواقع لدى المرأة والرجل

Photo of author

By العربية الآن

المرأة والرجل.. فروق بين الإنكار الأيديولوجي والتقرير الواقعي

صورة تعبر عن الفرق بين الجنسين
الاختلاف بين الرجل والمرأة سبب رئيس لاجتذاب كل منهما إلى الآخر (شترستوك)
في المقال السابق، ناقشنا الأسباب وراء الجدل المُحتدم حول طاعة المرأة لزوجها، والتي تتعلق بفرض النصوص الشرعية لفكرة “المساواة المطلقة” وفقاً للرؤية الليبرالية. واستعرضنا الإشكالات المنهجية في التعامل مع هذه النصوص. وفي هذا المقال، نستكمل تحليلنا لبقية الأسباب التي تثير التوترات بين الجنسين.

فروق طبيعية أم اجتماعية وثقافية؟

تجلى تأثير فكرة المساواة المطلقة في كثير من النقاشات حول حقوق المرأة، مما أدى ببعض الأشخاص إلى إنكار الفروق الطبيعية بين الجنسين. إذ يرون أن هذه الفروق هي نتاج ثقافي أو اجتماعي وليس لها أساس في علم الأحياء. في هذا الإطار، كتبَت الفيلسوفة النسوية الفرنسية سيمون دو بوفوار في كتابها “الجنس الثاني”: “لا نولد نساء، بل نصير نساء”، ما يعني أن الأنوثة ليست طبيعة أو جوهر، بل هي حالة اجتماعية. كما يؤكد العالم الاجتماعي الأمريكي إرفنغ غوفمان على أن المعتقدات المتعلقة بالذكورة والأنوثة تنبثق من سلوك النوع، مضيفًا أن الأدوار الاجتماعية التي تُعطى للمرأة تعد انتهاكًا لكرامتها البشرية.

العمل في المهن الشاقة أصبح واقعاً للمرأة السورية
العمل في المهن الشاقة أصبح واقعاً للعديد من النساء في الظروف غير المستقرة (الجزيرة)

“هذا خَلقُ الله”

أصبحت فكرة طاعة المرأة لزوجها غير مقبولة بشكل متزايد، حيث يسعى الكثيرون لتحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات، بينما يقر التصور الإسلامي بوجود هذه الفروق كجزء من الخلق. وقد ورد في سورة الذاريات: “ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”. فالله تعالى خلق الرجل والمرأة مختلفين بطبيعتهم.

### تكامل وتباين بين الرجل والمرأة

تظهر الفروق بين الرجل والمرأة في الجانب الجسدي والنفسي، ويعبر هذا الاختلاف عن التكامل الذي يسهم في بناء علاقة زوجية قائمة على التنوع. حيث يكون انسجام كل منهما مع الآخر ناتجًا عن شعورهما بأنهما يكملان بعضهما البعض. فعلى سبيل المثال، عندما تشبه المرأة الرجل في الصفات أو الشكل، قد يؤدي ذلك إلى نفور الرجل منها. وبالمثل، إذا كان الرجل يظهر أنوثة، فإن ذلك قد يدفع المرأة للابتعاد عنه. فكل من الطرفين يجد في الآخر ما يحتاجه لاستكمال نفسه، مما يخلق توازنًا وينمي الأسرة.

مساعي لنفي الفروق الطبيعية

تشير بعض الأطراف إلى وجود محاولة حثيثة لإنكار الفروق الطبيعية بين الجنسين من خلال فرض قيم تعتبر عالمية مثل المساواة. حيث يقول أستاذ علم مقاصد الشريعة، الدكتور أحمد الريسوني، إن تلك القيم تهدف إلى إلغاء الفروقات بين الرجل والمرأة، مما يسبب ظلمًا للمرأة، إذ يترتب على ذلك مطالبتها بأعمال قد لا تتماشى مع طبيعتها. وهذا يظهر جليًا في القرارات التي اتخذتها بعض المنظمات بعد تشجيعها للتحول الجنسي، مثل القرار الصادر في مارس 2023 من الاتحاد الدولي لألعاب القوى بعدم السماح للمتحولين من الذكور إلى الإناث بالمشاركة في مسابقات السيدات بسبب الأفضليات الجسدية.

العدالة في التعاون بين الجنسين

في السياق الديني، تؤكد الشريعة الإسلامية على أن الأصل هو المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق، إلا في الحالات التي تؤدي إلى عدم تحقيق العدالة. فيشير العلامة محمد الطاهر بن عاشور إلى أن التشريع يجب أن يعتمد على الفطرة، وإلى ضرورة النظر إلى الفروق الطبيعية. ويؤكد أن العدالة يجب أن تنعكس في فرص متكافئة دون أن تعني ذلك تساوي الفرص في كل الظروف.

بيان التباينات للمضي قدمًا

التعامل مع هذا الموضوع يتطلب فهماً عميقاً للطبيعة البشرية والفروق الجوهرية بين الجنسين. من الضروري تسليط الضوء على العدالة في الفرص وتحقيق التكامل بين الرجل والمرأة، مما سيسهم في تهدئة الصراعات حول مواضيع مثل طاعة المرأة للزوج. سنواصل في المقالات القادمة تناول مزيد من التفاصيل حول هذه القضية المهمة.

المصدر: الجزيرة

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.