اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية
شهدت مدينة نيويورك هذا الأسبوع اجتماعات مكثفة لقمة المستقبل تحت رعاية الأمم المتحدة، حيث اجتمع زعماء العالم، وألقى الرئيس الأميركي جو بايدن خطابه الأخير أمام الجمعية العامة قبل مغادرته منصبه. تتجه الأنظار الآن نحو ما ستؤدي إليه الانتخابات المقبلة، إما لكامالا هاريس أو لخصمها دونالد ترمب.
بينما ينتظر كلا المرشحين نتيجة الانتخابات، استغلا تواجد قادة العالم في الولايات المتحدة لإبراز طموحاتهما في السياسة الخارجية. تم عقد عدة اجتماعات تسلط الضوء على أولويات كل منهما في الساحة الدولية المتوترة، سواءً في أوكرانيا، أو المنافسة مع الصين، أو في منطقة الشرق الأوسط.
التوترات في الشرق الأوسط
وجدت القضايا الشرق أوسطية بؤرة اهتمام المرشحين، حيث يشير جيمس جيفري، السفير السابق للولايات المتحدة في العراق وسوريا، إلى أن كلا المرشحين يركزان بشكل خاص على السياسة الأميركية تجاه إيران. ويؤكد جيفري أن هناك اختلافاً رئيسياً، حيث يعتزم ترمب فرض عقوبات صارمة، بينما تؤيد هاريس مواصلة نهج بايدن الذي يسعى للتوصل إلى اتفاقيات مع إيران.
من جهتها، ترى لورا كيلي، مراسلة صحيفة «ذي هيل»، أن إيران تشكل محور حملتي ترمب وهاريس، حيث يطلق ترمب على نفسه لقب «الرجل القوي» الذي يستطيع مواجهة النظام الإيراني. بينما تظل هاريس ملتزمة باستكمال الجهود الدبلوماسية التي بدأت تحت إدارة بايدن.
الضغط على نتنياهو
تواجه إدارة بايدن انتقادات متزايدة حول طريقة تعاطيها مع القضايا في الشرق الأوسط، خاصةً في ظل التصعيد المستمر في غزة ولبنان. يعتبر روبرت فورد، السفير السابق للولايات المتحدة في سوريا والجزائر، أن سياسة بايدن تجاه إسرائيل تعكس آراءه الشخصية، مشيراً إلى الاحتكاك القائم بسبب اختلاف رؤية بايدن ونتنياهو.
ويوضح فورد أن نتنياهو يميل إلى دعم عودة ترمب إلى البيت الأبيض، إلا أنه سيظل مضطراً للتعاون مع إدارة بايدن حتى نهاية ولايتها المقبلة. وفي خضم هذه الديناميكية، تضغط بعض الأصوات الاشتراكية داخل الحزب الديمقراطي لفرض قيود على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، ومع ذلك ترفض إدارة بايدن وهاريس هذا الخيار.
تحدد هذه الاختلافات كيفية تصدر القضايا الخارجية على الساحة السياسية الأميركية، حيث يبدو أن الناخبين يستعدون لاختيار مرشح يمثل رؤيتهم للسياسة العالمية، مما يضع مستقبل العلاقات الدولية في مأزق يتطلب حلولا دبلوماسية فعالة.
الاختلافات في السياسات الخارجية بين بايدن وترمب
تعتبر الحكومة الأميركية الحالية تحت إدارة الرئيس بايدن متحفظة أكثر في تعاملها مع الصراعات الدولية، بينما كانت إدارة ترمب تُعرف بإعطاء الفرصة لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لاستعراض القوة العسكرية بلا قيود. يُظهر هذا التوجه تغيراً ملحوظاً في كيفية التعامل مع العدوان في مناطق النزاع المختلفة.
أوكرانيا في بؤرة الانتخابات الأميركية
تحتل أزمة أوكرانيا مركزًا بارزاً في الحوارات الدائرة أثناء موسم الانتخابات الأميركية. إذ تبرز زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة النقاشات الداخلية الحادة بشأن هذا الملف. ويُظهر التباين بين مواقف هاريس وترمب حول سبل معالجة الصراع في أوكرانيا، حيث يُتوقع أن يجتمع زيلينسكي مع كليهما.
وأعرب جيفري عن تفاؤله بشأن الوضع في أوكرانيا، مُشيرًا إلى أن روسيا لم تحقق نتائج إيجابية، بينما اعتبرت كيلي أن الانتخابات الحالية تُعبر عن أوقات صعبة لأوكرانيا. أثار اجتماع زيلينسكي في بنسلفانيا مشاعر متباينة بين الجمهوريين، حيث اتهمه البعض بمحاولة التدخل في الانتخابات الأميركية.
الاهتمام بالسياسة الخارجية من قبل الناخب الأميركي
فيما يتعلق بالناخب الأميركي، لا يُظهر تصويته عادةً اهتمامًا كبيرًا بالسياسة الخارجية. حيث أبرز فورد أنه رغم وجود قضايا عالمية، إلا أن القضايا الداخلية تشمل الاقتصاد والهجرة تُعتبر أكثر إلحاحًا.
على الجانب الآخر، يتبنى جيفري نظرية مغايرة، حيث يرى أن السياسة الخارجية تُصبح ذات أهمية فقط عندما تتعرض أميركا لأزمة. واستشهد بهجمات سبتمبر كمثال على ذلك، مُشيرًا إلى أن ذلك أدى إلى حروب ضخمة في العراق وأفغانستان. وأضاف جيفري أن الاضطرابات العالمية قد تؤدي إلى تغييرات سلبية في التجارة والعلاقات الدولية.
قال جيفري إن الدول التي لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة لصون أمنها ستبحث عن بدائل نووية، مما قد يزيد من فرص حدوث صراعات نووية في المستقبل ويؤثر على السلام العالمي.