بعيداً عن صخب الحياة اليومية

Photo of author

By العربية الآن

أفلاطون

الفن: للحياة أم للفن؟

قد يكون من المثير أن نفكر في العبارة المعروفة عن الفن، التي تساءلت عما إذا كان الفن هو من أجل الفن، أم من أجل الحياة. في زمنٍ تسيطر فيه الفردانية ووسائل التقنية الحديثة، قد يبدو أن هذا السؤال فقد أهميته. إلا أن النقاش حول هذا الموضوع لا يزال قائمًا في بعض الأوساط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتظهر مشادات فكرية تعيد إحياء أجواء صراعات ثقافية قديمة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.

إشكالية السؤال نفسه تكمن في أن كلمة “فن” تشمل كافة أشكال الإبداع من أدب وشعر وفنون تشكيلية. وفي رأيي، فإن هذا التساؤل ليس دقيقًا ويعكس رغبة خفية لفرض رؤية معينة، مما يجعلنا نتساءل عن مدى توافق الشيوعية مع تطلعات البشر مقارنة مع الرأسمالية.

تحديات الحياة اليومية

الحياة مليئة بالتحديات، حتى مع كل المتع المتاحة. خبراتنا أصبحت تتطلب جهدًا أكبر للتحصيل. يمكننا مقارنة أنفسنا بأفلاطون، إذ قد نمتلك خبرات تقنية تفوق ما كان يعرفه، لكن هل نستطيع كتابة حوار فلسفي جديد يتماشى مع عصرنا؟ أشك في ذلك، بسبب التشتيتات الكثيرة التي تملأ حياتنا وتمنعنا من التركيز على قضايا الوجود الأساسية.

ربما يتساءل البعض: لماذا لا نستبعد هذه التشتيتات؟ في الواقع، هذا قد يتطلب منا العيش في عزلة تامة، وهو ما يتعارض مع طبيعة الإنسان ككائن اجتماعي.

تأثير الإلهاءات على التجربة الإنسانية

الإلهاءات تتخذ أشكالًا عديدة، سواء كانت اختيارية أو قسرية، وتساعدنا في الهروب من التفكير العميق في مواضيع مثل الموت والبدايات والنهايات. ولكن عندما تصبح هذه الإلهاءات طقسًا يوميًا روتينيًا، يجب علينا التفكير في الأسباب التي تدفعنا لخرق هذه الدوائر.

الشعور بالزمن والمحدودية

الغرق في إلهاءات الحياة اليومية يجعلنا ندرك أن وجودنا مؤقت ومحدود، وهو ما يستدعي التفكير في معنى وجودنا ومغزى العيش.

الضوضاء كجزء من الوجود

كما أن الضوضاء أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فقد تُعتبر مؤشرًا على الحالة النفسية للأفراد. حيث تدل الدراسات على أن الأشخاص الذين يحدثون ضوضاء أكثر قد يعانون من ضعف في قدراتهم العقلية.

التعامل مع الصراعات الوجودية

الضحالة العقلية أو التوترات الناتجة عن التفاعل مع الآخرين تُعتبر جزءًا من التجربة الإنسانية. لذلك، بعض الكتّاب يجدون في الكتابة وسيلة لتخفيف الضغط النفسي اليومي، حيث تتحول الكتابة إلى متنفس لهم.

الفن كوسيلة للارتقاء

الأدب والفن يعززان قدرتنا على مواجهة التحديات المرتبطة بالوجود البشري. الفن الجيد يحررنا من القيود الأيديولوجية المحدودة، ويفتح لنا آفاق جديدة للتفكير.

يمكن أن تكون لحظات المبدع نموذجًا للعيش الجيد، حينما يحصل على وقت للابتعاد عن التشتتات اليومية. ربما، وقت قصير مع فنجان من الشاي وكتاب جيد في مكان هادئ يعد كل ما يحتاجه المرء ليعيش تجربة فريدة من نوعها ويستوعب معاني الحياة بشكل أعمق.

الخلاصة

العيش الجيد يتطلب توازنًا بين العقلنة والحياة اليومية، وهذا ما يفسر لماذا تستمر الأعمال الأدبية العظيمة في التأثير على الأجيال. الأدب والثقافة ليستا مجرد تسالي، بل هما أدوات لفهم الحياة بشكل أفضل والارتقاء بتجربتنا الإنسانية.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.