رصد شعاع نفاث يتجاوز طوله 140 ضعف مجرة بحجم درب التبانة
يقع الثقب الأسود الذي تم رصده على مسافة تقدر بنحو 7.5 مليارات سنة ضوئية من كوكب الأرض. تجدر الإشارة إلى أن ضوء هذه الأشعة يستغرق وقتًا طويلاً للوصول إلينا، مما يعني أن ما نراه هو جزء من تاريخ الكون عندما كان عمره أقل من نصف عمره الحالي، الذي يقدر بنحو 13 مليار سنة، وفقاً لبعض الأدلة الفلكية.
وحوش مظلمة
تمتلك الثقوب السوداء كتلًا ضخمة ضمن مناطق ضيقة، مما يزيد من كثافتها وقوة جاذبيتها، لدرجة أن الضوء نفسه لا يستطيع الهروب إذا دخل ضمن المنطقة المعروفة بـ”أفق الحدث”.
تحتوي معظم المجرات الكبيرة، بما فيها مجرتنا درب التبانة، على ثقوب سوداء ضخمة في مراكزها. هذه الثقوب تمتلك القدرة على إطلاق تدفقات كبيرة من الطاقة تُعرف بـ”النفث الفلكي”، حيث تنطلق المادة المتأينة في شكل شعاعين ضخمين نتيجة للضغط الشديد المحيط بها. يُعزى ذلك إلى الكم الهائل من المادة التي تستعد للسقوط في الثقب الأسود.
طول هذه النفاثات يصل إلى آلاف وملايين السنين الضوئية، ونتيجة لعملية ابتلاع الثقوب السوداء للنجوم الضخمة، وقد أظهرت دراسة نشرت في دورية “نيتشر” أن الشعاع النفاث المكتشف يبلغ طوله حوالي 23 مليون سنة ضوئية، وقد تم رصده باستخدام تلسكوب (LOFAR).
النفاثات بين المجرات
تتكون هذه النفاثات من جسيمات دون ذرية مثل الإلكترونات والبوزيترونات، بالإضافة إلى مجالات مغناطيسية. تتحرك هذه الجسيمات بسرعات قريبة جداً من سرعة الضوء نتيجة للنشاط الشديد المحيط بالثقب الأسود. يشير الفلكيون إلى هذه النفاثات بـ”البورفيريون”، وفقاً للأساطير اليونانية القديمة.
علق العالم الفيزيائي الفلكي مارتن هاردكاسل، المشارك في الدراسة، أن هذه النفاثات تتشكل عندما تسقط مادة ممغنطة في ثقب أسود دوار. للحفاظ على طول الشعاع الضخم، يتعين على الثقب الأسود أن يستمر في ابتلاع مادة تعادل كتلة شمسية واحدة سنوياً.
لا يمكن رؤية هذه النفاثات مثل “البورفيريون” بالعين المجردة، إذ تتطور بمرور الزمن، ويتطلب تشكيلها نشاطًا كثيفًا حول الثقب الأسود لمدة تصل إلى مليار عام. تمتد معظم النفاثات إلى ما بعد المجرة المضيفة، وتطلق طاقة تعادل طاقة تريليونات النجوم بحجم الشمس.
كما أن هذه النفاثات قادرة على نقل الطاقة والجسيمات والمجالات المغناطيسية إلى الفضاء بين المجرات، مما يؤثر على تسخين الغاز الموجود بين النجوم. هذا الأمر يحد من تكوّن نجوم جديدة إذ يتطلب الأمر وجود سحب غازية باردة بدلاً من الساخنة. ولا توجد أي دلائل على أن الثقب الأسود في مجرتنا درب التبانة، المعروف باسم “الرامي أ*”، يطلق أيًا من هذه النفاثات في الوقت الحالي.