قدرات مذهلة للبقاء: كيفية استفادة العلماء من تكيفات عالم الحيوان المدهشة؟

Photo of author

By العربية الآن

قدرات غير عادية على البقاء.. كيف استفاد العلماء من تكيفات الحيوانات الفريدة؟

لقد أصبح بوسعنا رؤية وفهم جوانب بيولوجية لم يكن بالإمكان ملاحظتها أو دراستها من قبل (بيكسابي)
لقد أصبح بوسعنا رؤية وفهم جوانب بيولوجية لم يكن بالإمكان ملاحظتها أو دراستها من قبل (بيكسابي)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>

مقدمة

تعتبر قدرة "التارديغرادا" على البقاء من أكثر القدرات الفريدة في عالم الحيوان، حيث يمكنها الصمود في ظروف تبدو قاتلة لمعظم الكائنات الحية. بينما تستطيع السلاحف حمراء الأذنين العيش لأكثر من ستة أسابيع تحت الجليد بدون أكسجين، وتتأقلم الثعابين من نوع بايثون لتجدد أجسامها بسهولة بعد أسابيع من الجوع. في هذه المقالة المترجمة من "نيوساينتست"، سوف نستكشف مجموعة من هذه الظواهر المدهشة في مملكة الحيوان.

ظواهر مدهشة في عالم الحيوان

السلحفاة الغربية المزركشة، على سبيل المثال، تستطيع البقاء لفترة طويلة تحت الجليد في حالة سبات عميق، حيث تتحمل نقص الأكسجين لفترة تتجاوز 100 يوم. وهذا ما يعكس قدرة رائعة على التكيف مع الظروف القاسية.

كما أن العالم الطبيعي مليء بمخلوقات تتمتع بقدرات فريدة، مثل القدرة على تجديد الأعضاء الداخلية أو البقاء على قيد الحياة دون أن تتأثر العضلات أو العظام بسبب قلة الحركة. وبالتالي، هذه الأنماط من التكيفات تمنح الكائنات القدرة على مواجهة ظروف شديدة الصعوبة، مثل ظروف التجمد أو التعرض لأشعة غاما.

التطبيقات المحتملة للقدرات الحيوانية

ورغم أن فكرة امتلاك البشر لهذه القدرات قد تبدو بعيدة المنال، إلا أن العلماء بدأوا في استكشاف الجينات والعمليات البيولوجية التي تقف وراء هذه التكيفات. على الرغم من أن الأبحاث ما زالت في مراحل مبكرة، فإن التطبيقات المحتملة تشمل القدرة على وضع البشر في حالات سبات أثناء السفر في الفضاء، أو تطوير وسائل جديدة للتحكم في السرطان والشيخوخة.

كما أشار الباحثون إلى أهمية الاستفادة من هذه القدرات في المجال العسكري، حيث تم إطلاق مشروع بحثي أمريكي يستهدف استخدام قدرات الحيوانات للمساعدة في حماية الجنود المصابين. روشيل بوفنشتاين، من شركة كاليكو الأمريكية، قالت: “سيكون هذا أمرًا مذهلاً للغاية”.

تستمر الدراسات في فهم الأسس الجينية التي تدعم قدرات التكيف المذهلة للحيوانات، مما يفتح المجال أمام تطبيقات مستقبلية يمكن أن تغير مجرى العديد من التحديات الطبية والعلمية.### دراسة الجينوم وقدرات الكائنات الحية

تشهد الأبحاث العلمية تقدمًا في تحليل الجزيئات البيولوجية للكائنات الحية، حيث تركز الدراسات على كشف التعليمات المخبأة في جينات الحيوانات (الجينوم) وكيف تستجيب هذه الجينات وغيرها من الجزيئات الحيوية للتغيرات البيئية. يسعى العلماء حاليًا لفهم التركيب الجيني الكامل لكائنات حية تتمتع بخصائص استثنائية، مما قد يؤدي إلى اكتشاف الأسس الجينية والبيولوجية التي تدعم هذه القدرات الفريدة.

السلاحف وخصوصيات بقاءها

في هذا الإطار، أوضحت سارة ميلتون من جامعة فلوريدا أتلانتيك أنه بفضل التكنولوجيا الحديثة، أصبح بإمكاننا فهم جوانب بيولوجية لم تكن مرئية في السابق. تهتم ميلتون بشكل خاص بدراسة أدمغة السلاحف حمراء الأذنين، التي على الرغم من أنها ليست قوية مثل السلاحف المزركشة، فإنها تستطيع العيش تحت الجليد لمدة تصل إلى ستة أسابيع بدون أكسجين، وهذا يعد إنجازًا مدهشًا. وتؤكد على أن الأدمغة تحتاج إلى طاقة كبيرة، وعندما يتعطل إمداد الأكسجين، يحدث انهيار للطاقة يتسبب في موت الخلايا.

لكن هناك أمر مثير يتعلق بإعادة إمداد الأكسجين؛ إذ يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى نتائج كارثية بسبب إنتاج مركبات الأكسجين التفاعلية، التي تسبب مزيدًا من الضرر للخلايا.

استراتيجيات السلاحف للبقاء

هناك استراتيجيات معقدة تتبناها السلاحف حمراء الأذنين لتعويض نقص الأكسجين، منها تعديل عملية الأيض لتقليل إنتاج المركبات الضارة. وعلى عكس البشر الذين يزيدون إنتاج البروتينات الواقية بعد وقوع الضرر، تصنع السلاحف هذه البروتينات بشكل مستمر. وتعتبر هذه التشابهات مصدر تفاؤل، حيث تشير إلى إمكانية تعديل العمليات البيولوجية لدى البشر.

الضفدع الخشبي وقدرته على البقاء

لا تقتصر القدرات الفريدة على السلاحف، بل تشمل أيضًا كائنات أخرى مثل الضفدع الخشبي، الذي يمكنه البقاء حيًا خلال فصل الشتاء القارس في كندا عن طريق تجميد ثلثي جسمه. هذه القدرة تتطلب إنتاج مادة كيميائية تحمي خلاياه من الجفاف خلال عملية التجميد. ومن خلال هذه الدراسة، يسعى الباحثون لتطوير طرق جديدة لحفظ الأعضاء البشرية لعمليات الزرع، باستخدام استراتيجية تجميد أكثر فعالية مستوحاة من الضفدع الخشبي.

نهج جديد لفهم العمليات البيولوجية

يبحث كين ستوري، الباحث في جامعة كارلتون، في فكرة تعديل الأساليب البيولوجية دون تجميد الجسم. ويظهر أن الحيوانات التي تستطيع إبطاء معدل الأيض في درجات حرارة دافئة قد تحتوي على آليات بيولوجية مشابهة يمكن أن تلهم الأبحاث الطبية.

هذا النظام البيئي الغني بالأمثلة يقدم آفاقاً جديدة في مجال الأبحاث الطبية وقد يساعد في تطوير علاجات مختلفة لمعالجة مشاكل نقص الأكسجين وغيرها من الأمراض القلبية.### السفر إلى مسافات بعيدة في الفضاء السحيق

تكيّف جرذان الخلد العارية ومشاكل الشيخوخة

تتميز جرذان الخلد العارية بمرونتها الفائقة وقدرتها على البقاء في بيئات قاسية، مما يثير اهتمام العلماء. على الرغم من أن حجمها يشير إلى أنها يجب أن تعيش فقط خمس سنوات، إلا أن هذه القوارض الصغيرة يمكن أن تعيش حتى 30 عامًا. يبدو أن حياتها الطويلة تخلو من علامات الشيخوخة، حيث أن وظائفها الحيوية، مثل القلب وكثافة العظام والكتلة العضلية، تبقى في حالة جيدة حتى مع تقدم العمر. ومع ذلك، يظل سبب موتها غير مفهوم حتى الآن، حيث تقول الباحثة بوفنشتاين: “لا أعرف ما الذي يتسبب في موتها حقًا”.

يعيش جرذان الخلد العارية في أنفاق ضيقة تحت الأرض، حيث تكون مستويات الأكسجين منخفضة، والتربة مليئة بالمعادن الثقيلة السامة. رغم ذلك، توفر لهم هذه الحياة حماية من المفترسات والأمراض، مما يسمح لهم بتخصيص مواردهم لمقاومة الأضرار الخلوية الناجمة عن بيئتهم. وقد أظهرت الدراسات أن هذه القوارض تستطيع التعامل مع تحديات كبيرة، مثل الإشعاع والمركبات السامة، دون التأثر.

مكافحة السرطان والمرونة الفائقة

تتمتع جرذان الخلد العارية بمقاومة مذهلة للسرطان، حيث وجدت أبحاث بوفنشتاين أن الفريق واجه خمس حالات سرطان فقط بين أكثر من 2000 جرذ تم فحصه. ورغم إدخال الجينات المسببة للسرطان في خلايا هذه الجرذان في المختبر، لم تتطور أي أورام عدوانية، وهو ما يجعلها مختلفة تمامًا عن باقي الثدييات.

لكي نستكشف المزيد عن قدرات هذه الجرذان، نحتاج إلى دراسة جينومها بالكامل. تشير بعض الأدلة المتوفرة إلى أن قدرة الجرذان على مكافحة التلف الخلوي يعود إلى تعزيز نشاط الجينات التي تمنع انقسام الخلايا التالفة. رغم أن الجرذان لا تنتج الكثير من مضادات الأكسدة، إلا أنها تحتفظ بقدرتها على حماية نفسها من الأضرار.

قدرات مذهلة للبقاء

(لكي نستكشف القدرات المذهلة لجرذان الخلد العارية، سنحتاج إلى نسخة كاملة من جينومها (كريسويك تشاب – ويكميديا)

التجدد السريع لثعابين البايثون

بينما تأسر جرذان الخلد العارية الأنظار بقدرتها على مقاومة الشيخوخة، نجد حيوانات أخرى، مثل ثعابين البايثون، تقدم وعدًا بتحقيق تقدمات علمية في المستقبل. تتميز ثعابين البايثون بقدرتها على التجدد السريع، حيث يمكن أن تظل صائمة لفترات طويلة قبل أن تلتهم غذاءً كاملاً دفعة واحدة. وتعمل هذه الثعابين على تصغير حجم أعضائها الداخلية بين الوجبات للحفاظ على الطاقة.

يقول تود كاستو من جامعة تكساس: “تظهر أمعاء ثعبان البايثون الصائم وكأنها أنبوب صغير فارغ”. ولكن، عند تناول الطعام، تتضاعف الأمعاء بسرعة ويتضخم حجم الأعضاء الأخرى مثل الكبد والبنكرياس. وبعد تناول الطعام بمدة تتراوح بين 24 إلى 48 ساعة، تبدأ هذه الأعضاء في الانكماش مرة أخرى.

الجينات ودورها في التجدد

تتطلب عملية التجدد هذه وجود جينات معينة تقوم بتنشيط النمو وحماية الخلايا من الإجهاد. وعندما يتوقف نشاط هذه الجينات، بينما تستمر جينات النمو، تبدأ الأعضاء في العودة إلى وضعية الانكماش.

تدعم دراسة جديدة فكرة أن دور الدم في هذه العملية مهم. إذا أُضيفت البلازما من ثعبان تناول الطعام حديثًا إلى خلايا الجرذان، فإنها ستشهد زيادة في النمو. وهذا يفتح المجال للبحث عن فهم التأثيرات المحتملة لهذه الإشارات في الأنسجة البشرية.

يتطلع كاستو وفريقه حاليًا لفهم هذه الإشارات بشكل أعمق، حيث تسلط الأبحاث الحالية الضوء على كيفية الاستفادة من قدرات الحيوانات في تحسين فهمنا لوظائف الجسم البشري.## قدرة الكائنات الغريبة على البقاء

على الرغم من التحديات الصحية مثل السكري والسمنة، تظهر الكائنات الغريبة في عالم الحيوان إمكانيات مدهشة تساعدنا على فهم الحياة بشكل أعمق. يوضح كاستو أن “ما نتعلمه عن البيولوجيا الأساسية من خلال دراسة هذه الكائنات هو ثروة لا تقدر بثمن، حيث أن كل زاوية جديدة لرؤيتها تمنحنا منظورًا مختلفًا”.

إن القوة الخاصة التي تتمتع بها ثعابين البايثون هي التجدد السريع (بيكسابي)

مخلوقات قادرة على إبطاء الزمن

يُعد “التارديغرادا” أو “بطيء الخطوة” من بين الكائنات التي تتمتع بقدرة مذهلة على إبطاء الزمن. فهو يستطيع البقاء في حالة شبه غيبوبة عندما يواجه ظروفًا قاسية، مما يجعل من الصعب الكشف عن أي علامات للحياة. هذه الكائنات يمكنها مقاومة الظروف القاسية مثل الإشعاع ودرجات الحرارة المتطرفة، ويحتمل أنها تستطيع البقاء على قيد الحياة في الفضاء أو الهبوط على سطح القمر.

في المقابل، ألهمت قدرة “الدببة المائية” العلماء في وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية الأمريكية (داربا) لإنشاء برنامج بحثي يحمل اسم “بيوستاسيس”. يعتمد هذا البرنامج على محاكاة آليات الدببة المائية للحد من الحاجة لعلاج الجنود المصابين في ساحة المعركة.

برنامج “بيوستاسيس” لتطوير استراتيجيات جديدة

يهدف برنامج “بيوستاسيس” إلى تقليص الاحتياج للعلاج الفوري للجنود الجرحى عبر إبطاء العمليات الحيوية في أجسامهم، مما يمنح الأطباء مزيدًا من الوقت لتقديم الرعاية الطبية. يركز العلماء على دراسة العمليات البيولوجية لعدة حيوانات يمكنها إبطاء الزمن البيولوجي، مثل الدببة المائية والدببة التي تدخل في سبات شتوي.

قام فريق من جامعة هارفارد بتطوير طرق لتحفيز إبطاء الزمن البيولوجي من خلال تثبيت البروتينات في حالة غير نشطة، مما قد يساعد في زيادة فعالية اللقاحات والعلاجات.

تطبيقات واسعة لتقنيات إبطاء الزمن

يمكن أن يكون لإبطاء العمليات البيولوجية تطبيقات أخرى خارج المجال العسكري، كالتقليل من تأثير النوبات القلبية والسكتات الدماغية. يأمل الباحثون في تحويل هذه التطورات إلى أدوية قوية، مما يمثل تحديًا كبيرًا ولكنهم يعملون خطوة بخطوة لتحقيق ذلك. كما أن الخطوات الأولى من هذا المشروع تهدف إلى تطبيق هذه الاستراتيجيات في البيئات النائية.

يختتم تريستان ماكلور بيغلي، رئيس برنامج “بيوستاسيس”، بالقول: “أنا متحمس لرؤية التقدم الذي يمكن تحقيقه باستخدام هذه الأدوات لتطويرها في هذا المجال”.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.