تلاشي آمال التقارب الإيراني الأميركي بعد الهجوم الأخير
واشنطن- خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، قدم الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان خطاباً تصالحياً مع الغرب، داعياً إلى “حقبة جديدة” واستعادة الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه سابقاً مع أمريكا والدول الكبرى، والذي انسحبت منه واشنطن في عام 2018 تحت رئاسة دونالد ترامب.
عقد بزشكيان لقاءات مع صحفيين أميركيين وخبراء من مراكز أبحاث، بالإضافة إلى رئيسي فرنسا إيمانويل ماكرون وسويسرا آلان بيرسيت. وضم وفده الرسمي دبلوماسيين بارزين مثل وزير الخارجية السابق جواد ظريف.
وأكد بزازكيان أن إيران ترغب في تقليل عزلتها وتجاوز أزماتها الاقتصادية من خلال تجديد الدبلوماسية مع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. وشدد على استعداد إيران لإعادة إحياء خطة العمل المشتركة، مع التأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاق الأصلي بالكامل.
رغم تأكيده بأن إيران لن تنجر إلى “فخ إسرائيل”، فإن الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل أثرت سلباً على التفاؤل بشأن أي تطور إيجابي في العلاقات الإيرانية الأميركية.
تشدد أميركي
واجه بزازكيان خلال الشهرين الأولين له في منصبه أزمتين رئيسيتين، هما اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس واغتيال الأمين العام لحزب الله. هذه الأحداث دفعت بعض المحافظين في إيران إلى انتقاده، معتبرين أن رسالته في نيويورك أظهرت ضعفاً وأتاحت لإسرائيل المزيد من الجرأة في عدوانها.
في سياق تعليقه، قال الخبير جودت بهجت من مركز الشرق الأدنى بجامعة الدفاع الوطني: “زيارة بزازكيان في نيويورك لم تؤسس لأي أرضية جديدة. السلطة الحقيقية في إيران بيد المرشد الأعلى والحرس الثوري، وليست بيد الرئيس”.
استبعد بهجت الحصول على أي انفراج في العلاقات الأميركية الإيرانية قبل انتهاء ولاية بايدن، معبراً عن عدم يقينه بوجود اختراق. ومع ذلك، رأى أنه قد تكون هناك اتفاقات بشأن خفض التصعيد إذا فازت كامالا هاريس بالانتخابات القادمة.
باربرا سلافين، خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون، أكدت أن الرئيس الإيراني لن يتمكن من طي صفحة العداء بين البلدين عبر وسائل دبلوماسية، مشيرة إلى أن بزازكيان ليس صاحب القرار المؤثر.
سلافين أشارت إلى أن تصريحات بزازكيان حول الشرق الأوسط كانت أقل عدوانية، بما في ذلك إمكانية قبول إيران بحل الدولتين، وهو ما يتعارض مع توجه سلفه إبراهيم رئيسي الذي دعا إلى توجهات معاكسة.
استبعاد الانفراج
بشكل عام، يبدو أن الأجواء لا تبشر بفرص قريبة لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أن الأحداث الأخيرة وتعقيد الموقف السياسي يشكلان عائقاً أمام أي مصالحة محتملة.
### تراجع الآمال في التقارب الأمريكي الإيراني
في مقابلة مع الجزيرة نت، أشار تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية والخبير في المعهد العربي بواشنطن، إلى أنه “من غير المرجح حدوث انفراجة في العلاقات الأمريكية الإيرانية في الأشهر المقبلة”. وأوضح أن إيران تفتقر إلى دعم شعبي في واشنطن، وأن أي اتفاق محتمل بين إدارة بايدن وإيران سيعتبر استسلامًا وعلامة ضعف يُمكن استخدامها ضد كامالا هاريس.
التصعيد في وأنشطة المنطقة
وأضاف دان أن الرئيس بايدن مشغول بمواجهات متعددة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والتوترات في غزة ولبنان. وقد دفعت تصريحات هاريس القوية ضد الهجمات الإيرانية إلى تراجع التفاؤل بشأن إمكانية تحسن العلاقات بين الدولتين، خاصة بعدما عبرت عن إدانه للهجمات الإيرانية أثناء متابعتها مع بايدن وفريق الأمن القومي.
موقف أمريكا من إسرائيل وحق الدفاع
وأكدت هاريس في بيانها “التزامي تجاه أمن إسرائيل ثابت وراسخ”، مشيرة إلى أن إيران تشكل تهديدًا ليس فقط لإسرائيل بل أيضًا للولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة. وأكد المراقبون أن التصريحات التي أدلى بها بايدن حول زيادة الضغوط على إيران ليست دليلًا على تغيير موقف واشنطن، بل توضيح لحق إسرائيل في الرد فعليًا.
التعاون الدولي بعد الهجوم الإيراني
وأوضح بايدن أن الولايات المتحدة تعمل مع مجموعة الدول السبع على صياغة بيان مشترك بشأن الخطوات الواجب أخذها بعد الهجوم الإيراني، مؤكدًا أن جميع الدول توافق على حق إسرائيل في الرد، لكنه شدد على ضرورة أن يكون الرد متناسبًا.
ولم يكشف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن تفاصيل الرد الإسرائيلي المحتمل، مؤكدًا أن النقاشات حول طبيعة هذا الرد جارية بين أمريكا وإسرائيل.