ارتفاع أسعار العقارات في العراق.. ما دور غسل الأموال؟
يشهد العراق في الوقت الراهن زيادة كبيرة في أسعار العقارات، مما بات يمثل تحدياً كبيراً للمواطنين، خاصة بعد سنوات من الصراعات وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ووفقاً للمراقبين، يُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، من أبرزها غسل الأموال وسوء التخطيط، حيث تسهم تلك العوامل في تشكيل سوق عقارية غير مستقرة.
العقارات وغسل الأموال
أكد قاضي محكمة تحقيق النزاهة وغسل الأموال، إياد محسن ضمد، في تصريحات له أن قطاع العقارات يعتبر الأكثر استهدافاً من قبل جرائم غسل الأموال.
وأشار ضمد إلى أن الأنظمة المالية المحلية والدولية قد فرضت رقابة مشددة على حركة الأموال، مما دفع مرتكبي الجرائم إلى استخدام أساليب مختلفة لقطع الصلة بين الأموال والجريمة، مما يعطي انطباعاً بأن هذه الأموال مشروعة.
في بعض مناطق بغداد، بلغ سعر العقارات 20 ألف دولار للمتر المربع، بينما يتراوح في مناطق أخرى بين 3500 و14 ألف دولار، حسب إحصائيات شركة اليقين للعقارات.
في أبريل الماضي، أعلن البنك المركزي العراقي عن قراره بالإشراف على مبيعات العقارات بالتنسيق مع دوائر التسجيل العقاري، ويشترط أن تكون جميع العمليات المالية المترتبة على عقارات تزيد قيمتها عن 500 مليون دينار عراقي بوجود الأموال في المصارف.
وأوضح الخبير المالي صفوان قصي، أنه تم تأسيس عدد من المدن المتكاملة بهدف تقليل الطلب على العقارات وتحويل السوق إلى سوق نظامي، ورغم ذلك فقد شهدت الفترة السابقة دخول أموال من مصادر غير مشروعة، مثل تجارة المخدرات.
لوحظ كذلك وجود العديد من العقارات التي تم شراؤها لكنها لم تُستغل.
يعتقد قصي أن البنك المركزي ووزارة المالية هما الجهتان المعنيتان بتنظيم حركة التداول في سوق العقارات، مشددًا على أهمية دعم قطاع الإنشاءات.
وفقاً للهيئة الوطنية للاستثمار، هناك حوالي 988 ألف وحدة سكنية تنتظر البناء في العراق، مما يعكس الحاجة الماسة لتطوير القطاع السكني.
يشكل قطاع البناء والتشييد حوالي 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي العراقي، وفقاً لآخر إحصائيات وزارة المالية.
تحديات قطاع السكن بالعراق
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع السكن في العراق هي إهمال الخطط الاستراتيجية السكنية السابقة، مما أدى إلى تفشي ظاهرة الارتفاع في الأسعار وعدم توافر وحدات سكنية كافية للطلب المتزايد.
## أزمة السكن في العراق: 25 مليون عراقي بلا مأوى
تشير تقارير إلى أن حوالي 25 مليون عراقي يعانون من نقص في وحدات السكن، مما يعكس الأزمة الحادة التي يعيشها ذوو الدخل المنخفض والمتوسط في البلاد.
### غياب الاهتمام الحكومي
في حديثه مع الجزيرة نت، أشار الخبير العقاري جاسم العنزي إلى عدم اهتمام السلطات بتلبية احتياجات الفئات الهشة في المجتمع، موضحًا أن الفجوة بين الفئات الغنية والفقراء تزداد بسبب التمييز في تخصيص الوحدات السكنية. فقد تم تخصيص الوحدات الفاخرة للأثرياء، بينما يتم تجاهل احتياجات الأفراد ذوي الدخل المحدود.
### العدالة في توزيع الموارد
قال العنزي إن هذا الجمود يمثل انعدام العدالة في توزيع الموارد السكنية. ودعا إلى وضع سقف لأسعار المتر المربع لضمان عدم التلاعب بالأسعار، مما يساهم في دعم الاستقرار السكني للفئات الهشة.
### نقص الأراضي المناسبة
أضاف العنزي أنه لا توجد مساحات كافية لبناء مجمعات سكنية لجماهير ذوي الدخل المحدود، بسبب استغلال كافة الأراضي المتاحة حتى تم استقطاع أجزاء من المدارس والمساجد لإنشاء مشاريع سكنية.
### تأثير الضرائب على الاستقرار السكني
وأكد العنزي أن زيادة ضريبة العقار بنسبة 40% كان لها تأثير سلبي على القطاع، مما زاد من صعوبة تحقيق الاستقرار السكني للمواطنين. ودعا إلى تطوير الصناعات المحلية للمواد الانشائية لتخفيف تكاليف البناء بدلاً من الاعتماد على المواد المستوردة.
### الحاجة إلى دعم مالي
بناءً على ما سبق، رأى العنزي أن هناك ضرورة لتوفير دعم مالي لفئات الدخل المنخفض والمتوسط من خلال تقديم قروض ميسرة طويلة الأجل، بالإضافة إلى تحديد مناطق ملائمة لبناء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود.
### التوجه الحكومي نحو الحلول الإسكانية
أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، في تصريحات له، أن الحكومة تعمل على تطوير مشاريع سكنية تتماشى مع رؤية تنموية شاملة. وقال إن الحكومة تسعى إلى بناء شراكة فعّالة مع القطاع الخاص في هذا المجال، وبذل جهود لتوفير سكن ملائم للأسر وتأمين التمويل اللازم لذلك.
في الختام، تبقى إشكالية السكن قضية حيوية تحتاج إلى استجابة سريعة وفعّالة من الحكومة لتحسين ظروف حياة الملايين من المواطنين العراقيين.