“`html
رواندا.. من الإبادة إلى الازدهار الاقتصادي
19/10/2024
–
|
آخر تحديث: 19/10/202402:44 م (بتوقيت مكة المكرمة)
كيغالي– عند زيارتك العاصمة الرواندية كيغالي لأول مرة، تأسر المدينة بجمال طبيعتها ونظافتها، بالإضافة إلى تنظيم شوارعها وسلاسة المرور فيها.
ففي كل زاوية يقع نظرك على الأشجار والزهور والأراضي الخضراء، في مشهد يغلب عليه اللون الأخضر.
قد يبدو هذا وضعًا طبيعيًا في عدة دول، خاصةً تلك التي تتمتع بالأمطار، خصوصًا مع تفشي أزمة المياه الناجمة عن تغير المناخ. ولكن ما يميز تجربة رواندا -التي تقع في شرق وسط القارة الأفريقية- هو أن هذا البلد لم يتجاوز بعد الثلاثين عامًا على أحداث الإبادة الجماعية.
فخلال 100 يوم فقط في عام 1994، لقي أكثر من 800 ألف شخص حتفهم، ومع ذلك، استطاعت رواندا أن تعيد بناء نفسها في فترة زمنية قصيرة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، وتجسد ذلك في تحقيق المصالحة وتطوير اقتصاد يعد من الأسرع نموًا في أفريقيا.
لا ازدهار بدون سلام
“لا يمكن تصور وجود تنمية أو اقتصاد قوي في بلد مثل رواندا المثقلة بالجراح من دون تحقيق السلام والأمان، وهذا ما تسعى إليه الحكومة الحالية”، حسب ما قاله سيرج رويغامبا، مسؤول العلاقات الخارجية في “مركز النصب التذكاري للإبادة الجماعية” بالعاصمة كيغالي.
وأضاف رويغامبا -خلال جولة في متحف كيغالي- أن الحكومة تركز على تحقيق الوحدة بين أفراد المجتمع الرواندي وتجاوز آثار الإبادة الجماعية التي وقعت بين أبريل ويوليو 1994، حيث تعرضت أقلية التوتسي لحملة إبادة من قبل جماعة الهوتو المتطرفة.
وأكد رويغامبا أن الحكومة تضع على عاتقها تحقيق مبادئ المصالحة والعمل الجماعي لبناء دولة قوية على الصعيدين الاقتصادي والتنموي، بالإضافة إلى إعادة تعليم المجتمع حول قيم التسامح والوحدة والمشاركة، وتحقيق العدالة ومعاقبة الجناة لضمان علاج مشاكل الماضي وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
واستقبل متحف كيغالي خلال العشرة أشهر الماضية أكثر من 144 ألف زائر، بما في ذلك 64% من خارج رواندا، الذين جاءوا للاطلاع على عمق المأساة التي خلفتها الإبادة الجماعية، والتعلم من أحداثها لتفادي تكرارها في المستقبل، كما يوضح المسؤول في المتحف العائد للذكرى.
قصص وعبر
في هذا السياق، تحكي العديد من القصص حكايات مؤثرة حول التعافي والمصالحة، مما يجعل من رواندا نموذجًا يُحتذى به في كيفية التحول من تاريخ مؤلم إلى أمل جديد.
“`
مركز كيغالي: ذاكرة مؤلمة عن الإبادة الجماعية
يعتبر مركز كيغالي، الذي أُعيد افتتاحه عام 2004، شاهداً مهماً على مأساة الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا. يُقدّر المسؤولون أن أكثر من 250 ألف ضحية قد دُفنوا في هذا المركز، ولا يزال العمل جارياً للعثور على مزيد من الجثث لإحضارها إلى هنا.
حدائق الذكرى والأمل
في قلب المركز، توجد حدائق تتحدث بصوت عالٍ عن ضحايا الإبادة، وخاصة الأطفال، وتبث روح الأمل للأجيال الحالية والمستقبلية. هذه الحدائق تحتفل أيضاً بإنجازات النساء الروانديات وتعكس تطلعات المجتمع نحو نبذ العنف وحماية الأفراد من الإبادة.
أقسام المتحف: عبرة للتاريخ
يتكون المتحف من ثلاثة أقسام رئيسية: واحد يتحدث عن إبادة رواندا، وآخر يعرض حالات الإبادة الجماعية في دول أخرى، والثالث يسلط الضوء على فقدان الأطفال خلال هذه الأحداث.
التحول الاقتصادي في رواندا
بينما يواصل المركز ومتحف الحملة ضد الإبادة الجماعية تذكير الزوار بالأحداث الأليمة، فإن الحياة تنبض خارجاً، حيث يشهد البلد نشاطاً سياحياً وزراعياً وصناعياً. حققت رواندا نمواً اقتصادياً بمعدل 8% في عام 2023، مع اعتماد اقتصادها بشكل كبير على الزراعة (27%) والصناعة (18%)، بالإضافة إلى قطاع السياحة الذي يستقطب سنوياً أكثر من 1.4 مليون سائح.
استراتيجيات لتحقيق الازدهار
يؤكد مدير متحف الحملة ضد الإبادة الجماعية، ميدارد باشانا، على أهمية الوحدة والأمن وبناء اقتصاد قوي من خلال سياسات أكثر عدلاً. هذا ويتطلب التحول نحو الازدهار أيضاً القضاء على الفساد وتعزيز العلاقات الدبلوماسية.