خلفيّة عمليّة الاغتيال
في خطوة مثيرة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اغتيال القيادي في حماس، يحيى السنوار، كان هدفًا رئيسيًا خلال العمليات العسكرية الجارية في غزة. هذا الإعلان يأتي في وقت تقوم فيه إسرائيل بتكثيف هجوماتها، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الخيارات المتاحة أمام حكومة نتنياهو في المرحلة المقبلة.
استجابة حماس والموقف الدولي
ردًا على ذلك، أكدت حماس على أنها ستواصل المقاومة، بينما تساءل المجتمع الدولي عن كيفية التعامل مع الوضع المتدهور في غزة. كما أعربت العديد من الدول عن قلقها إزاء التصعيد المستمر، مما يشير إلى أن المرحلة الحالية قد تكون بداية لزيادة التوتر في المنطقة.
ما السبل المتاحة لنتنياهو؟
يتساءل المحللون عن الخيارات المتاحة لنتنياهو بعد اغتيال السنوار، حيث يرى البعض أن الوقت قد حان للبحث عن حلول دبلوماسية بعد المواجهات العسكرية المكثفة. في حين أن هناك ضغوطًا داخل إسرائيل تصاعدت مطالبة باستكمال الحملة العسكرية حتى تحقيق أهداف محددة، إلا أن ذلك قد يفاقم الأوضاع ويؤدي إلى أزمة إنسانية أكبر.
استنتاجات
تظل القضية مطروحة، فمستقبل غزة وأمن إسرائيل مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالتطورات القادمة، ولذلك ينبغي على كافة الأطراف التعامل بحذر في هذه المرحلة الحساسة.
### صورة النصر في غزة
تتناول التحليلات الإسرائيلية الأثر العميق لاستشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حيث تُعتبر هذه الحادثة بمثابة “صورة النصر” التي كان يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيقها في غزة. الأمر الذي دفع العديد من الأطراف إلى انتظار إشارات بشأن إمكانية إنهاء التصعيد وحالة العدوان في المنطقة.
### ضغط من الإدارة الأمريكية
تبدأ الإدارة الأمريكية، وبالخصوص تحت قيادة الرئيس جو بايدن، بإلقاء الضوء على عملية تصفية السنوار، مُعتبرة إياها إنجازًا يُمكن أن يُستخدم لإقناع نتنياهو بوقف الحرب. ويُشدد على ضرورة استغلال هذه اللحظة لفتح المفاوضات حول الأسرى وإمكانية إبرام صفقة تبادل.
ويسعى بايدن لإنهاء فترة حكمه في البيت الأبيض بتحقيق إنجازٍ يُمكنه من تعزيز وضعه قبل الانتخابات الرئاسية المنتظرة، ما يمكن أن يُعطي نائبته كامالا هاريس دفعة في حملتها الانتخابية ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
### أزمة غياب الاستراتيجية
لم يكن تصريح نتنياهو بعد عملية اغتيال السنوار يعبّر عن قلق أو ضغط للقبول بتسوية، حيث أشار إلى أن الحرب لم تنته بعد وأن نجاحه في اغتيال السنوار يُعتبر دليلًا على قوة استراتيجيته. برغم أن المعلومات تشير إلى أن هذه العملية كانت قد حدثت بالصدفة، إلا أن نتنياهو اعتبرها نقطة فارقة تعزز موقفه.
وفي سياق متصل، اعتبر المحلل السياسي ناحوم برنياع أن العمليتين ضد السنوار ونصر الله تُعتبران ذروة الحرب. لكنه أضاف أن التوقعات بشأن تغيير موقف نتنياهو كانت غير دقيقة، حيث يُظهر رئيس الحكومة متانة موقفه ومقاومته لأي ضغوط نحو تسوية سياسية.
### تداعيات الحرب المستمرة
تحليل ألون بينكاس في صحيفة هآرتس يؤكد أن حادثة اغتيال السنوار تبين عدم وجود خطط إسرائيلية واضحة لما بعد الحرب، مما يُشير إلى أن النزاع لن ينتهي قريبًا ما لم يحدث استسلام جماعي من حماس.
كما عُبر عن ذلك من خلال تصريحات خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس، الذي أشار إلى أنه لا يجب توقع عودة الأسرى المحتجزين إلا بعد انتهاء العدوان وعودة حقوق الشعب الفلسطيني.
### عراقيل في الشرق الأوسط
تُظهر سياسات نتنياهو في غزة ارتباطًا وثيقًا بالاستعدادات لضرب إيران. ورغم الضغوط الداخلية والخارجية، يبدو أن نتنياهو غير مستعد لوقف الهجوم في غزة، منتهجًا استراتيجية تهدف إلى تحقيق استقرار أمني متماسك في المنطقة عن طريق استخدام الإنجازات التكتيكية التي حققها.
ومع تزايد العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ازدادت التعقيدات في موازين القوى في الشرق الأوسط، مما يشير إلى أن نتنياهو يحاول استغلال صراعات متعددة لتعظيم قدراته العسكرية والسياسية.
### مستقبل غامض
إن الموقف الذي يتبناه نتنياهو اليوم يوضح أن إسرائيل مُستمرة في اختيار طريق الصراع، مع عدم وجود مؤشرات تدل على إمكانية التنازل عن أعمال العنف أو إجراء مفاوضات جدية لوقف النار، مما يؤدي إلى مزيد من التحديات والتعقيدات في المنطقة في الفترة المقبلة.
تحديات نتنياهو السياسية
يعتقد العديد من المحللين الإسرائيليين أن نتنياهو لن يستغل “تصفية السنوار” كفرصة للخروج من المأزق الذي يعتبر فيه الوضع في غزة مرتبطًا بجبهات متعددة. فقد وضع نتنياهو الحرب في إطار “صراع وجود” مدفوعًا بنزعات شخصية ومخاوف من عواقب سياسية قد تؤدي به إلى قاعة المحكمة.
حسابات الشعبية العامة
في مقال له، وجه الكاتب يوسي فيرتر حديثه إلى الجمهور الإسرائيلي قائلًا “إذا كنت تأمل في أن يظهر نتنياهو شجاعة ويخطط لإيقاف إطلاق النار، فأنت مخطئ”. على الرغم من أن ما يُعرف بشهر الانتصارات قد زاد من شعبيته، إلا أن استطلاعات الرأي تُظهر أنه سيفقد الانتخابات إذا جرت اليوم. كما أنه يشك في أن قرار وقف إطلاق النار سيساعده على كسب التأييد نظرًا لمعارضة بعض أطراف الحكومة اليمينية المتطرفة.
حتى الآن، يعارض الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أي وقف للنار، ويهددان بإسقاط الحكومة إذا قرر نتنياهو التوجه نحو أي صفقة من هذا النوع.
موقف حماس والمستقبل
تشير الدلائل إلى أن أجزاء واسعة من قاعدة نتنياهو الانتخابية ترفض وقف النار بغض النظر عن مصير الرهائن الإسرائيليين في غزة. من ناحية أخرى، ترفض حماس أي مقترحات لا تتماشى مع شروطها التي حددتها قبل اغتيال رئيسها السنوار.
كما أنه من غير المتوقع أن يؤثر غياب السنوار سلبًا على قدرة حماس في الصمود وتنظيم المعارك؛ حيث اعتبر مستشار الأمن الإسرائيلي السابق ياكوف عميدرور أن حماس لا تزال قوية بما يكفي لقتال لمدة عام آخر في غزة، مما يشير إلى أن مستقبل القطاع لن يتوقف على قرارات نتنياهو وحدها.
استراتيجية نتنياهو والمستقبل
في ظل الظروف الحالية من العدوان الإسرائيلي المستمر والأحداث الدموية في غزة، يرى الكاتب يوسي فيرتر أن توجه نتنياهو يميل نحو “الخداع والمناورة”، حيث يتراجع عن كل الاتفاقات ويفشل الصفقات التي تمت برعاية دولية. ويعتمد على سردية “النصر المطلق” التي لا تزال حاضرة في استراتيجيته.
ومع غياب الضغوط الدولية والرادع، يبدو أن نتنياهو لا يسعى لإيقاف الحرب على غزة أو إجراء تسوية سياسية، حيث يتطلب ذلك تفكيرًا استراتيجيًا وحنكة سياسية، وهو ما يفتقر إليه بحسب الكاتب ألون بينكاس.