عودة إلى قطعة من الجنة

Photo of author

By العربية الآن


قطعة من الجنة رجعت إليها

كاليفورنيا .. جنة لعشاق الطبيعة ومغامرات الهواء الطلق كاليفورنيا 1 آب/أغسطس (د ب أ) – إن انقضاء فصل الشتاء في كاليفورنيا، والذي غالبا ما يتميز بأمطاره الغزيرة وتساقط الثلوج الكثيفة من سفوح الجبال، يعني امتلاء البحيرات وجريان الأنهار في فصل الصيف ليكون هذا الفصل من جديد موسما سياحيا مثاليا لعشاق الطبيعة ومغامرات الهواء الطلق ومحبي الرياضات المائية.
ودع والدته الحبيبة وعلم أنها في مكان أفضل الآن في جنان الرحمن بإذن الله (وكالة الأنباء الألمانية)
في قلب الأسرة المترابطة، كانت الأم تتوهّج كشمعة تُضيء الطريق للجميع. لم يكن حبها لأبنائها مجرد عاطفة سطحية، بل كان ارتباطًا روحيًا عميقًا لا يُحدّ.

كل لحظة من حياتها كانت مملوءة بتفكيرها وقلقها تجاه أبنائها الأعزّاء، حيث همّها الأكبر أن تكون لهم سندًا وملاذًا آمنًا في كل الظروف.. ورغم تقدمها في السنّ، لم تفقد ذلك البريق الداخلي المشع بالأمل والتفاؤل.

عبدالعزيز، أحد أبنائها، أكمل صلاة الفجر وعيناه دامعتان، بكى بحرقة وهو يدعو لأمّه، حنان الأم الذي غمره طوال حياته صار الآن في خطر.. أسرع إلى هاتفه المحمول، وطلب رقم أمه بيديه المرتجفتين

مشاعر القوة والحكمة

تتمنى الأم أن تنقل لأبنائها ذلك الشعور بالقوة والحكمة التي امتلأت بهما طوال حياتها. حتى في أيامها الأخيرة، وعلى فراش المرض، كانت تحاول جاهدةً إخفاء آلامها عن أحبائها، فلا تريد أن تكون عبئًا عليهم أو أن تزيد من قلقهم. عندما كان أحد الأبناء يتصل بها، كانت ترفع من نبرة صوتها بصعوبة، محاولةً إظهار القوة والصلابة التي تتمتع بهما.. كل ما كان يهمها هو أن تبقى مصدر إلهام وأمان لعائلتها الحبيبة.

اللحظات الأخيرة

عبدالعزيز، أحد أبنائها، أكمل صلاة الفجر وعيناه دامعتان، بكى بحرقة وهو يدعو لأمه، حنان الأم الذي غمره طوال حياته صار الآن في خطر.. أسرع إلى هاتفه المحمول، وطلب رقم أمه بيديه المرتجفتين.

“مرحبًا أمي! ماذا بك؟ أنا قلق عليك!” قال عبدالعزيز بصوت متحشرج.. صمت ثقيل، ثم سمع أمه تتنهد بألم: “يا بني، أنا متعبة، والحمدلله”.

انتابه الذعر والحزن، وركبتاه خانتاه وهو يسمع الكلمات المدمرة.. “لا، لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا! أنت لا تزالين قوية يا أمي، سآتي إليك الآن على الفور!”. لكنها ردت: “لا تنكسر وتتعب نفسك، لقد عشت حياة طيبة بفضلكم، أريد أن أراك قويًّا ومتماسكًا”، ثم انقطع الاتصال.. جلس عبدالعزيز وحيدًا، قلبه ينخلع من الألم.

عندما تفاقم وضعها، قرر الأبناء نقلها بسرعة إلى المستشفى، كانت لحظات الانتظار في سيارة الإسعاف مليئة بالتوتر والقلق، كانت الأم تحاول أن تكون قوية، لكن أنفاسها كانت تتقطع

مشاهد المعاناة

اشتد المرض على الأم بشكل مفاجئ، حيث بدأت تعاني من آلام حادة في الصدر وصعوبة في التنفس، كانت تتقلب على السرير، تعاني من الحمى، بينما كان أبناؤها وبناتها يتناوبون على الجلوس بجانبها، عيونهم مليئة بالقلق والخوف.. كانوا يحاولون تهدئتها، يقدمون لها الماء، ويطلبون منها أن تأخذ الأدوية، لكن يبدو أن الألم كان أقوى منها.

كانت تبتسم لهم رغم معاناتها، محاولةً طمأنتهم، لكنها في أعماقها كانت تخشى ما قد يحدث. تضرب قلبها بالقلق على مصيرهم بعد رحيلها..”أنا بخير، لا تقلقوا”، كانت تقول لهم، بينما كانت تشتد عليها الآلام.

نقلها إلى المستشفى

عندما تفاقم وضعها، قرر الأبناء نقلها بسرعة إلى المستشفى، كانت لحظات الانتظار في سيارة الإسعاف مليئة بالتوتر والقلق، كانت الأم تحاول أن تكون قوية، لكن أنفاسها كانت تتقطع. كان ولدها الأصغر يجلس بجانبها، يمسك بيدها، يحاول أن يشعرها بالأمان، بينما كانت أخواته في الخلف يبكين بهدوء، يستعدن ذكريات الطفولة، ويتمنين أن تعود تلك الأيام البسيطة.

الأمل في الأوقات الصعبة

عندما وصلوا إلى المستشفى، كانت حالتها الصحية تتدهور. ورغم خطورة وضعها، كانت في حالة استقرار نفسي مدهشة، حيث كان بالها مشغولًا بأبنائها وسؤالها عن أحوالهم، كانت تنظر إليهم بعينيها المتعبتين، وتقول: “لا تبكوا، أنا هنا”.. لكنهم كانوا يعلمون أنها بحاجة إلى دعمهم أكثر من أي وقت مضى.

وقبل ساعة من وفاتها، كانت تسأل عن ولدها عبد العزيز، الذي لم يستطع الحضور؛ بسبب ظروف المدينة. طلبت من أبنائها ألا يتركوه يتعب ويحضر، قائلة: “عندما أموت، أدخلوني إلى المدينة التي هو فيها حتى لا يأتي هو ويتعب”.

بعد مرور بضع ساعات، كان يريد أن يسافر إليها، لكنه تذكر أنها طلبت منه ألا يأتي عند موتها، فقرر أن يراها قبل دفنها، وطلب من الأسرة أن تدخلها إليه حيث يسكن في المدينة المجاورة

الفراق الأليم

بعد ساعات من اتصاله، تلقى عبد العزيز خبر وفاة والدته، وكان الخبر مدمرًا بالنسبة له!. شعر بصدمة عارمة، وعجز عن التفكير أو التصرف.. جلس في صمت، يحاول استيعاب الخبر الذي لم يكن مستعدًا له. بدأت الخواطر تتدفق في عقله، تذكر كل اللحظات الجميلة التي قضاها معها، وكيف كانت تحتضنه بدفء وتواسيه في أوقات الحزن.. كان يشعر بألم لا يوصف وفراغ لا يمكن ملؤُه.

الوداع الأخير

بعد مرور بضع ساعات، كان يريد أن يسافر إليها، لكنه تذكر أنها طلبت منه ألا يأتي عند موتها، فقرر أن يراها قبل دفنها، وطلب من الأسرة أن تدخلها إليه حيث يسكن في المدينة المجاورة.

شعر بالقلق والخوف من رؤيتها في هذا الوضع، لكنه أراد أن يلقي نظرة أخيرة عليها.. عندما وصل، اقترب من السيارة التي تحمل والدته وصعد، وأمعن النظر في وجهها الساكن وملامحها الملائكية. جلس بجانبها وبكى بحرقة، وهمس لها كلمات الوداع والحب.

السلام الداخلي

بعد مرور ساعة، تمكن من الاستعداد للرحيل.. ورغم التعب، لامس قلبَه شعور بالسلام البالغ؛ لقد ودع والدته الحبيبة، وعلم أنها في مكان أفضل الآن، في جنان الرحمن بإذن الله.

طوال رحلة العودة إلى البيت، كان صامتًا ومتأملًا. لقد كان هذا اليوم هو الأكثر صعوبة في حياته، لكنه أيضًا شعر بنوع من الشفاء الداخلي لرؤيتها.

رحمها الله – تعالى – رحمة تغشى روحها الطاهرة، وأسكنها فسيح جناته.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.