**خسارة هاريس في الانتخابات: الأسباب والتحليلات**
تناولت مجلة “فورين أفيرز” في مقال للكاتب الشهير مايكل هيرش أسباب خسارة كمالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام دونالد ترامب. حيث قدم هيرش مجموعة من النقاط الجوهرية التي تعكس تأثير هذه الهزيمة.
**فقدان الثقة لدى الطبقة العاملة**
أبرز هيرش أن هاريس وحزبها الديمقراطي واجها صعوبة كبيرة في استعادة ثقة الطبقة العاملة، وفشلا في تقديم رؤية واضحة تقنع الناخبين بأنها ستكون أفضل من ترامب. إذ قضت هاريس وقتًا طويلًا في التركيز على عدم ملاءمة ترامب للرئاسة، بينما كانت بحاجة إلى تقديم أجندة بديلة.
**فترة قصيرة وانتقادات ثقافة الاستيقاظ**
أوضح هيرش أن الفترة الزمنية القصيرة بين ترشيح هاريس وبدء الانتخابات كانت أحد العوامل التي أسفرت عن خسارتها. كما ذُكر أن اعتماد الحزب الديمقراطي على ما يُعرف بثقافة الاستيقاظ، والتي تتناول قضايا تتعلق بالمتحولين جنسياً، كان محل انتقاد من قبل غالبية الناخبين، وهذا عكس تفضيلات شرائح واسعة من الجمهور.
**تأثير ترامب والدعاية السوداء**
من جهة أخرى، أكد هيرش أن ترامب تمكن من استخدام استراتيجيات ترويجية فعالة، تشمل السخرية والدعاية المكثفة، مما ساعد على تجاوز العديد من الاتهامات الجنائية التي وُجهت له. وعلى الرغم من أن هاريس تفوقت على ترامب في مناظرتهما الوحيدة، إلا أنها لم تتمكن من تقديم رسالتها بشكل فعال حول القضايا الأساسية مثل الاقتصاد والهجرة.
**النقطة الحرجة في الحملة**
أشار الكاتب إلى نقطة التحول الحاسمة في الحملة، والتي تمثلت في إجابة هاريس غير المقنعة على سؤال سهل من مذيع تلفزيوني. حيث ارتبكت عندما سُئلت عما إذا كانت قد قامت بأي شيء مختلف عن بايدن خلال السنوات الأربع الماضية، وقالت إن “لا شيء يتبادر إلى ذهنها”، مما أثار الذعر لدى مستشاريها. ورغم محاولاتها لتصحيح المسار بعد ذلك، فإن الضرر كان قد وقع بالفعل.
**تحديات وراثة الإدارة**
ختامًا، أوضح هيرش أن ضعف أداء إدارة بايدن أثر بشكل كبير على فرصة هاريس، حيث أظهر استطلاع أن ثلثي الناخبين يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخطأ. وبالتالي، فإن إرث الإدارة الحالية جعل من الصعب على هاريس الابتعاد عن عبء تلك التحديات.
في النهاية، تظهر هذه التحليلات كيف أن الاستراتيجيات التي استخدمتها هاريس لم تكن كافية، مما أدى إلى تلك الخسارة المدوية في الانتخابات.# تحليل التطورات السياسية: ترامب وتحديات الحملة الانتخابية
**مدّة تقديم النفس والمقارنات الزمنية**
لدى هاريس أكثر من ثلاثة أشهر لتقديم نفسها وإبراز أفكارها أمام الناخبين. بينما كان أمام ترامب ثماني سنوات، شملت أربع سنوات من ولايته كرئيس وأربع سنوات منذ انتهاء ولايته.
**التأقلم مع الأخبار السلبية**
تعود الجمهور، وكذلك قاعدة ترامب، على تدفق الأخبار السلبية المتعلقة به. يبدو أن اتهامه بـ91 تهمة جنائية، التي أدين بها في 34 منها، أو حتى خضوعه للمسائلة البرلمانية مرتين، لم يعد له تأثير كبير. أشار هيرش إلى موهبة ترامب الفريدة في السيطرة على تصعيد الأحداث في وسائل الإعلام، من خلال خلق عناوين جديدة أكثر إثارة، مما لعب دورًا حاسمًا في جذب العديد من الناخبين. كل وصف سلبي استخدمه ترامب تجاه هاريس، مثل “منخفضة الذكاء” و”كامالا المجنونة”، حظي بتغطية كبيرة.
**الجدل السياسي وحاجة الجمهور للحقيقة**
صارت الحملة الرئاسية لعام 2024 نقطة استقطاب قصوى في الحوار السياسي الأمريكي، حيث أصبح من الصعب على الجمهور إيجاد مصدر موثوق للحقيقة. تحولت النقاشات إلى مستنقع من الأكاذيب والحقائق المزورة، مدفوعة بكثير من ادعاءات ترامب التي لا تنتهي.
**الانحدار إلى عالم أورويلي**
بحلول الخريف، وجد هيرش أن الولايات المتحدة قد انزلقت إلى بيئة شبيهة بعالم أورويل، مما جعل ترامب أكثر مروجي الكراهية فعالية في البلاد، وبدت أفكاره مقبولة لدى ملايين الناس. كما أن حملة 2024 تأثرت أيضًا بالتضليل الخارجي من دول مثل روسيا والصين وإيران، مما جعل عمليات التلاعب باللغة أكثر تعقيدًا وعمقًا.
**القضايا الثقافية وتأثيرها على الحملة**
وأشار الكاتب إلى كيفية تحول المشهد السياسي الأمريكي، حيث لعبت القضايا الثقافية دورًا أكبر، حتى أنها كادت تتفوق على القضايا الاقتصادية. كانت نتائج استحواذ القضايا التقدمية على الحزب الديمقراطي ضارة بحملة هاريس، ونجح الجمهوريون في تصويرها كشأن يساري بحت. كما أشار الكاتب فريد زكريا، في مقال له بصحيفة “واشنطن بوست”، إلى أن “أقوى اقتصاد في العالم” لم يعد يحقق مكاسب لبايدن أو هاريس، مما يدل على تحول جذري نحو القضايا الثقافية على حساب القضايا الاقتصادية.
**ختام**
تشير جميع هذه التطورات إلى صعوبة التحديات التي تواجهها هاريس في سعيها لتحقيق الدعم، في وقت يبدو فيه أن ترامب يستفيد من تغير المناخ السياسي بشكل أكبر.