رؤية نتنياهو للشرق الأوسط.. التوسع الإسرائيلي وأجندة القوى الكبرى
ابتداءً من الطموحات الإسرائيلية التاريخية
تشكل رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للشرق الأوسط الجديد تجسيدًا لرغبة إسرائيل في توسيع نفوذها والسيطرة على الأراضي الفلسطينية. تعتمد هذه الرؤية على أيديولوجيا صهيونية تهدف إلى ضم الأراضي المحتلة وتحقيق الأمن القومي الإسرائيلي. يعود هذا الاتجاه لعدة عقود مضت منذ قيام دولة إسرائيل.
وقد تبنى عدد من القادة الإسرائيليين، بدءًا من ديفيد بن غوريون وصولًا إلى نتنياهو، سياسات تسعى لتوسيع حدود الدولة على حساب الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق، أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لإسرائيل في تحقيق أهدافها التوسعية، بينما أبدت كل من روسيا والصين مخاوف من أن يؤدي هذا الضم إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
الجذور الأيديولوجية والتاريخية
يرتبط هذا التوجه بالحركة الصهيونية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، حيث سعت لإنشاء دولة يهودية في فلسطين، معتبرة أن هذه الأرض “أرض الميعاد” الموعودة. ومنذ ذلك الحين، ساعدت إسرائيل في ترسيخ سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من دولتها المعروفة باسم “إسرائيل الكبرى”.
في خطابه أمام الكونغرس الأميركي، أكّد نتنياهو أن “السامرة” و”يهودا” – الأسماء العبرية للضفة الغربية – هما جزء لا يتجزأ من “أرض إسرائيل”. هذا التصريح يعكس استراتيجية إسرائيل المتواصلة لدمج هذه الأراضي ضمن حدودها، متجاهلة الحقوق الفلسطينية، مما يمهد لتغيير جذري في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط.
خارطة الشرق الأوسط الجديد
تتجاوز رؤية نتنياهو مجرد ضم الأراضي الفلسطينية إلى خطة أوسع تهدف لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية. حيث يعتقد المحلل الإسرائيلي إيال زيسر أن هذه الرؤية تهدف لبناء علاقات جديدة مع دول عربية من خلال تحالفات أمنية واقتصادية، مما يعزز موقع إسرائيل في المنطقة.
وأثناء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر/ أيلول 2024، عرض نتنياهو خارطتين تظهران الضفة الغربية وقطاع غزة كجزء من إسرائيل. الخارطة الأولى تتميز بالدول التي تربطها مع إسرائيل اتفاقيات تطبيع، مثل مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن، مع كلمة “البركة” مكتوبة عليها، بينما الأخرى تحمل كلمة “اللعنة”.
تتسق هذه الرؤية مع “صفقة القرن” التي اعتبرتها العديد من الدول وسيلة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية، ويعتقد أن الحدود المقترحة قد تسعى لتغيير الخريطة السياسية لتشمل أجزاء من الأردن والسعودية ومصر وسوريا ولبنان.
ردود الفعل الدولية على التوسع الإسرائيلي
بالرغم من الدعم الأمريكي لأهداف إسرائيل التوسعية، عبرت روسيا والصين عن قلقهما من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. كما تشير التقارير الواردة من وزارة الصحة الفلسطينية إلى ارتفاع عدد القتلى والجرحى، بينما تُعيق فرق الإنقاذ الحصول على المساعدة الطبية اللازمة، مما يعكس تدهور الوضع الإنساني بشكل متزايد.
العديد من المحللين الأوروبيين يعتبرون أن هذه الرؤية الإسرائيلية تمثل تهديدًا للأمن الإقليمي، وقد تواجه إسرائيل المزيد من التوترات مع الدول المجاورة، خاصة الأردن ومصر، حيث يمكن أن تتأثران بشكل مباشر من هذه التغيرات الجيوسياسية.## الأوضاع الإنسانية في غزة
تؤدي الأوضاع الإنسانية في غزة إلى تفاقم الكارثة، إذ تتعرض المنطقة لحرب إبادة وتطهير عرقي نتيجة الحصار المستمر والعمليات العسكرية المتكررة. في شمال غزة، يعاني المدنيون من نقص حاد في المساعدات الإنسانية، ويواجهون ظروفًا صعبة حيث تتعرض المستشفيات للقصف والدمار، مما يزيد من معاناة الضحايا.
ووفقاً للتقارير الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فقد ارتفع عدد القتلى والإصابات بشكل ملحوظ، بينما تُمنع فرق الإنقاذ من الوصول بالجريح إلى المستشفيات. تُستخدم هذه الكارثة الإنسانية كوسيلة للضغط السياسي لتحقيق أهداف إسرائيلية تشمل تهجير الفلسطينيين من شمال غزة، وهو ما قد يمهد لإعادة احتلال المنطقة.
الاغتيالات الإسرائيلية للقيادات الفلسطينية
تعتمد إسرائيل في سياستها على الاغتيالات كوسيلة لتقويض المقاومة الفلسطينية، معتقدةً أن القضاء على القيادات سيؤدي إلى إضعاف المقاومة. يعكس هذا التوجه مطالبات بعض المسؤولين بضرورة استعادة الأسرى الإسرائيليين بعد استشهاد يحيى السنوار، مما يبرز اعتقادهم بفكرة الربط بين المقاومة شخصيات معينة.
تحتفظ الحكومة الإسرائيلية بقناعة مفادها أن اغتيال الأفراد الفاعلين في المقاومة يمكن أن يقضي على الحركة ككل، إلا أن هذه الاستراتيجية تفتقر للوعي بالواقع المعقد للقضية الفلسطينية. فالمقاومة ليست مجرد فكر فردي، بل هي نتيجة للاحتلال المستمر وتاريخ طويل من التقلبات الاجتماعية والسياسية.
تسريبات هآرتس حول الخصخصة في غزة
في إطار التوسع الاستيطاني، تكشف تقارير جديدة من صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن نوايا حكومية لتحقيق خصخصة الحكم في غزة، حيث تسعى الحكومة لنقل السيطرة المدنية إلى شركات خاصة كالشركة الأمريكية “GDC”.
يُنظر إلى هذه الخطط كجزء من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إرسال المسؤولية القانونية والأخلاقية إلى شركات خاصة، مما يسهل عملية إبعاد السلطة الفلسطينية ويسمح لإسرائيل بتعزيز نفوذها في المنطقة. تشير التقارير إلى أن هذه الاستراتيجية تعتمد على تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، مما قد يؤدي إلى فوضى على المدى البعيد.
الحاجة إلى موقف عربي موحد
في سياق ما يحدث في غزة والضفة الغربية، من الضروري أن يتحرك القادة العرب بشكل جاد ضد ما يشهده الفلسطينيون من انتهاكات. الوحدة العربية يجب أن تتجاوز الشعارات إلى خطوات فعلية لدعم الشعب الفلسطيني، إذ إن السكوت عن تلك الأفعال يمكن اعتباره تواطؤًا صريحًا.### أوضاع مأساوية في غزة والضفة الغربية
تشهد الأراضي الفلسطينية، وخاصة غزة والضفة الغربية، تصعيدًا خطيرًا يتمثل في قصف مستمر وعمليات قتل ممنهجة، إضافة إلى تدمير المدن. هذه الأحداث تمثل صورة قاتمة لإبادة جماعية في زمن يُفترض فيه احترام حقوق الإنسان. من الواجب على الدول العربية والمجتمع الدولي، بما في ذلك جميع أحرار العالم، أن يتحركوا لوقف هذه الانتهاكات.
الجرائم ضد الإنسانية
إن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، من إبادة وقتل بالتجويع وتهجير قسري، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية، لا تُعدّ مجرد مظاهر حرب تقليدية، بل جرائم حرب ضد الإنسانية. تستدعي هذه الأوضاع تحركًا عاجلًا وجادًا من المجتمع الدولي لإنهاء المعاناة.
دعوة للوحدة العربية
يجب على القادة العرب أن يدركوا أن الصمت تجاه هذه الجرائم يعتبر تواطؤًا، وعلينا أن ننتقل من الشعارات إلى خطوات فاعلة لدعم الشعب الفلسطيني. تعتبر تشكيل جبهة عربية متضامنة ضرورة ملحة للتعبير عن موقف موحد ضد الاعتداءات الإسرائيلية والقتل اليومي. كما يجب تعزيز الجهود لتقديم دعم إنساني عاجل ولإيجاد حلول سياسية شاملة لاستعادة الحقوق الفلسطينية وضمان العدالة.
حماية الأمن القومي العربي
مواجهة هذه الأزمات تتطلب إرادة سياسية حقيقية واستراتيجية موحدة تحمي الأمن القومي العربي. يجب أن نؤكد أن فلسطين ليست فقط قضية شعب مضطهد، بل رمز للكرامة الإنسانية وحق الفلسطينيين في العيش بأمان على أرضهم.
بقاء الدول العربية متفرجة على هذه المأساة الإنسانية يُعتبر عارًا لن يُمحى مع التقدم في الزمن.