دور دمى الأطفال في تعزيز السلام النفسي للكبار
لا يقتصر حب اقتناء الدمى على الأطفال، بل يمتد إلى بعض البالغين الذين يستمرون في جمعها حتى في مراحل عمرهم المتقدمة، مما يتيح لهم فرصة العودة إلى عالم الطفولة.
توضح الأبحاث العلمية أن الدمى تعزز الشعور بالأمان والهوية، ولكن هناك جوانب أعمق تتعلق بالكثير من الأسرار والفوائد الشخصية.
شغف الكبار بالدمى
تتذكر المهندسة والكاتبة المصرية لمياء مختار سؤالاً طرحته على والدتها في طفولتها حول عدم لعب الكبار بالدمى. وتقول: “تعجبت: لماذا لا يلعب الكبار بالدمى؟”، لتخبرها والدتها بأنها ستتوقف عن اقتنائها ذات يوم دون أن تدري، وهو ما حصل بالفعل.
لا تزال لمياء تهوى جمع الدمى، حيث تمتلك عددًا كبيرًا منها، لكنها تشتريها بطريقة مدروسة. تفسر ذلك قائلة: “إني أختار الدمى ذات الطابع الخاص، فمثلاً عندما وهبتني عروسة أعجبتني، جاء بجانبها الكثير الشبيه بها، لكن واحدة فقط لفتت انتباهي لأنها كانت تختلف بشيء مميز.” وهي تمنح دُماها أسماء مثل “برتقالة” و”أبو حلموس”.
تعتبر Lمياء الدمى مصدراً للبهجة والسعادة، وتستخدمها للتعبير عن خيالها واستعادة ذكرياتها الطفولية. وتقول: “إنها تجعلني أشعر بأن الحياة جميلة ومليئة بالسعادة.”
على الرغم من غرابة الأمر، فإن هناك اتحادًا عالميًا يضم أكثر من 16,000 عضو من هواة الدمى، ويعتبر من أكبر الجماعات بعد جمع الطوابع. يمثل هذا الاتحاد شغفًا مشتركًا للأفراد الذين يهتمون بجمع الدمى.
فوائد نفسية غير متوقعة
### الدمى وعلاقتها بالصحة النفسية
يُصنف علماء النفس والأعصاب جامعي الدمى إلى فئتين رئيسيتين؛ الأولى تشمل من يمتلكون شعورًا آمنًا بالذات، بينما تندرج الثانية تحت أولئك الذين يشعرون بعدم الأمان في ذواتهم. وتختلف الأدوار التي تؤديها الدمى بين هذه الفئات.
تشير الدكتورة شيرلي إم مولر، الباحثة في علم الأعصاب ومؤلفة كتاب “داخل عقل الجامع”، إلى أن تجمع الدمى بالنسبة للبالغين يتجاوز مجرد الهواية، بل يتحول إلى وسيلة علاجية. فالأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان يستخدمون هذه الهواية للتعامل مع قضايا الشك بالذات وهوياتهم غير المستقرة، حيث يخلقون عوالم موازية لتعويض ما ينقصهم في الحياة اليومية.
تأثير الدمى على المصابين بعدم الأمان الذاتي
بالنسبة لأولئك الذين يمتلكون شعورًا آمنًا بالذات، تلعب الدمى دورًا في مساعدتهم على تحمل التحديات الصعبة في حياتهم. وقد أظهرت الأبحاث فوائد نفسية متعددة لجمع الدمى، مثل:
- تخفيف التوتر
- تعزيز الشعور بالهوية
- تحفيز مراكز المتعة في الدماغ
- تعزيز المعرفة الذاتية
شغف يتحول إلى مهنة
تروي سامية عيد، التي بدأت شغفها بالدمى في مرحلة الطفولة، أنها قررت السير في طريق مختلف بعد تخرجها في الهندسة. تقول: “أحببت العرائس كلعبة، لكنها تطورت لتصبح وسيلة لتحقيق أحلامي في تصميم الأزياء”. استطاعت سامية أن تأخذ هوايتها إلى مستوى آخر حيث بدأت بتصميم ملابس للدمى وتوسعت لاحقاً في تصميم فساتين للأطفال، مما جذب ردود فعل رائعة من المتابعين.
تضيف سامية، “جمعت المزيد من الدمى وعملت على تطوير أسلوب تصميمي”، مشيرةً إلى إقبال الناس على ملابس العرائس الفريدة التي تقدمها.
آية صلاح وتعليم تصميم الأزياء
أما آية صلاح، التي كانت مولعة بالدمى والأفلام القديمة، اتجهت إلى تعلم تصميم الأزياء وعبرت عن حبها لتصميم ملابس للدمى، مُعيدة إحياء الأزياء القديمة بتفاصيل دقيقة. عندما بدأت بنشر تصاميمها عبر الإنترنت، بدأ المعجبون يطلبون ملابس للدمى.
تقول آية: “صرت أستورد عرائس قديمة من الخارج وأتعامل مع الطلبات”، مؤكدة أن حبها للدمى جعله مصدر سعادتها، إذ يعد هذا العمل أكثر من مجرد مهنة بالنسبة لها.
الطموحات المستقبلية
ختامًا، تؤكد آية أنها تسعى لامتلاك متجر مخصص للدمى والألعاب النادرة، مشيرةً إلى أن جمع الدمى لا يقتصر فقط على الأطفال، بل إن الكثير من البالغين يستمتعون بهذا الشغف.
المصدر: الجزيرة