<
div aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>واشنطن– يُقَرِّرُ أقل من رُبُع مليون مواطن أمريكي نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة رغم مشاركة أكثر من 150 مليون ناخب. يُرجَعُ ذلك لوُجُود الولايات المُوَلِّية والموجَهة نحو الديمقراطية، وتُقَابِلُها ولايات جُمهورية على الجانب الثاني.
لا يُحَتَّم على مرشحي الرئاسة بذل الجهد في النُّشْر وعُقد المؤتمرَات الانتخابية في الولايات التي تكون الفوز أو الهَزيمَة مُؤَكَّدَة فيها، بل يُستَدَلّ على تلك القرارات بالثقة في الولايات المُتَغيِّرة التي يُمكن أن تصوت لأي من الأحزاب.
منذ نُهاية القرن العشرين، اُطُلِقَ على الولايات التي تميل في تصويتها لـالحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية بالولايات الحمراء، بينما تُشير إلى الولايات التي تميل لـالحزب الديمقراطي باللون الأزرق.
امتدّت التصوُّرات حول اللونين للفصل بين الفَئتَيْن الحِريَويَّة والمُحافِظة، ويُفصل بين المناطق الحَضَريَّة في المُدن، والمناطق الريفية والضواحي داخل نفس الولاية.
ليسَ توجد ولاية من ولايات أميركا الـ50 بلا تُوَجهَات جمهورية وديمقراطية أو فئات مُحَافِظة أو ليبرالية في الوقت نَفْسِه. يُظهِرُ ذلك بِوَضوح من خلال نتائج الانتخابات الرئاسية.
على سُبُيل المَثال، كانت أعلى نسبة حازَ علَيها الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات 2020 في ولاية فيرمونت، حيث فاز بنسبة 66.1% من إجمالي الأصوات، بينما حقَّقَ دونالد ترامب أعلى نسبة من التصويت للجمهوريِّين في ولاية وايومنغ بنسبة 69.9% من الأصوات.
تُعَدّ الولايات التي تقترب فيها بشدة نسبة أنصار اللون الأزرق من أنصار اللون الأحمر “ولايات متأرجحة”، وتُمنَح اللون الأرجواني.
تُوضِحُ الخِريطة الانتخابية بَلَدًا واحدًا لكل ولاية بسبب تَطبيقِ نَظام “الفائز يأخذ كل شيء”، وهو النظام الذي تُستَخدَمُه كل الولايات في المَجَمُع الانتخابي، باستثناء ولايتين فقط، وهما نبراسكا وماين.
تُعزَّزُ النظرة إلى بعض الولايات على أنَّها “زرقاء” أو “حمراء” بدَرَجَة من الاستِقَرار الحزبي خلال السنوات الماضية، إذ لَمْ تُغيّر 37 ولاية توجهاتها الحزبية منذ انتخابات عام 2000.
الولايات الزرقاء
تتميز الولايات “الزرقاء”، التي تم تحديدها من خلال دعمها الثابت للحزب الديمقراطي في الدورات الانتخابية الأخيرة، بالالتزام بالقيم والسياسات التقدمية. وعادة ما تدافع هذه الولايات عن قضايا مثل حماية البيئة والعدالة الاجتماعية وإصلاح الرعاية الصحية، وحماية التوجهات الاجتماعية غير التقليدية.
يعكس التوافق المستمر مع الحزب الديمقراطي موقفا أيديولوجيًا أوسع يعطي الأولوية للمبادئ الليبرالية ويسعى إلى معالجة القضايا المجتمعية من خلال مبادرات السياسة التقدمية.
في السنوات الأخيرة، حقق الحزب الديمقراطي نجاحًا ملحوظًا في الولايات الواقعة على طول السواحل الشرقية والغربية، وكذلك في الغرب الأوسط. ومن أبرز هذه الولايات كاليفورنيا ونيويورك وماساتشوستس وفيرمونت وواشنطن. تتميز هذه المناطق بعددالبلاد الكبيرة بسكانها الغفير وتنوع اقتصاداتها ونفوذ سياسي كبير على المستوى الوطني، وقد برزت كمركز رئيسي للحزب الديمقراطي.
يعكس النجاح الحزبي في هذه الولايات تأثير سياستهم وقيمهم على تنوع السكان والرؤى التقدمية البارزة في هذه المناطق النافذة.
الولايات الزرقاء
تتميز الولايات “الزرقاء” بشعبيتها وبالنجاح الذي حققه الحزب الجمهوري في الانتخابات. تقع هذه الولايات في الأغلب في أقاليم الشمال والغرب الوسطى وسهول الولايات المتحدة. تتميز الولايات الزرقاء بتوجه سياسي تقدمي، وانحيازها لمبادئ مثل الحكومة الصغيرة والحرية الفردية والضرائب المنخفضة في سياستها.
وغالباً ما يكون المشهد السياسي في هذه الولايات مهيمنًا من قِبل شرائح كبيرة من سكان الريف، وهذا يؤثر على مواقفهم وأولوياتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز سكان الولايات الزرقاء بنسبة عالية من المسيحيين الإنجيليين وغيرهم من الحافظين على القيم الدينية. تميل هذه التنوعات إلى دعم السياسات الاجتماعية المحافظة، مثل معارضة الإجهاض والزواج المثلي. ويُسهم الخليط الفريد من الموقع الجغرافي والفلسفة السياسية والعوامل الثقافية بشكل جماعي في الهوية المميزة للولايات الزرقاء داخل المشهد السياسي الأمريكي.
ومن بين الولايات المميزة بقوة في المعسكر الجمهوري ألاباما وألاسكا وفلوريدا وأوهايو.
الولايات الأرجوانية
هي الولايات التي تتأرجح، والتي تفتقر إلى الولاء الثابت لأي من الأحزاب السياسية في الانتخابات الوطنية، تكون حلبة مهمة للمرشحين الرئاسيين. ويقضي المرشحون وقتًا في الحملات الانتخابية هناك، وينفقون مبالغ طائلة على الإعلانات التلفزيونية والإذاعية.
وتتطلب المنافسة في هذا السياق السياسي الديناميكي متابعة دائمة من قِبل حملات الانتخابات والمحللين السياسيين. وفي حين يمكن تحديد الولايات التأرجحية السابقة عبر دراسة التاريخ الانتخابي للأصوات، يلزم تحديد الولايات المتأرجحة المحتملة في الانتخابات المقبلة نهجًا دقيقًا.
تعتمد التقديرات والتوقعات على أمور كثيرة، مثل نتائج الانتخابات السابقة واستطلاعات الرأي والاتجاهات السياسية السائدة، والتطورات المتنوعة منذ الانتخابات الأخيرة، ونقاط القوة أو الضعف لدى المرشحين.
تتغير خريطة الولايات المتأرجحة مع كل دورة انتخابية، وتتطور استجابة للمرشحين وسياساتهم. يمكن أن يتراوح هذا التغيير بين تحولات جذرية وتعديلات دقيقة، مع تركيز على الطبيعة المتغيرة للديناميكيات الانتخابية وأهمية القدرة على التكيف في الاستراتيجية السياسية.
هناك 6 ولايات منتظرة لتأرجحها في الانتخابات القادمة، وهي: أريزونا وميشيغان وجورجيا وبنسلفانيا ونيفادا وويسكونسن.
فاز الديمقراطي جو بايدن بجميع الولايات الست في انتخابات عام ٢٠٢٠، في حين فاز الجمهوري دونالد ترامب بولايات أريزونا وويسكونسن وجورجيا وبنسلفانيا في عام ٢٠١٦.
ولايات تتغير ألوانها
كانت ولايات مثل فلوريدا وأوهايو تُعتبر ساحات معارك متقدمة ولكن اتجهت أكثر نحو الجمهوريين في السنوات الأخيرة، بينما تحولت الولايات الحمراء السابقة مثل فرجينيا إلى تأييد الحزب الديمقراطي، وتحولت ولايتا جورجيا وأريزونا إلى منافسة شديدة، وفاز بهم الديمقراطي جو بايدن في انتخابات ٢٠٢٠.
تُسهم التغيرات السكانية بشكل كبير في تغيير نمط التصويت، إذ ارتفعت أعداد الأميركيين من أصول لاتينية في أريزونا ونيفادا وجورجيا، مما جعل تأييد هذه الولايات للديمقراطيين أكبر.
وفي بعض الحالات، أدى التغيرات الاقتصادية والعولمة وانخفاض معدلات التصنيع المحلي لصالح المصانع المنخفضة التكلفة في المكسيك أو الصين أو الهند، وغيرها، إلى غضب فئات عمال المصانع وتغير نمط تصويتهم نحو الحزب الجمهوري بسبب تبنيه لسياسات الحمائية التي تحمي وظائفهم في الولايات المتحدة.
لا ترتبط الألوان الحمراء والزرقاء رسميًا بأي من الأحزاب، ولم يختر أيٌ منهما لونًا ليميزه عن الآخر، بل يُجادل بعض الجمهوريين بضرورة ربط الحزب باللون الأزرق، كما هو الحال في معظم أحزاب الوسط المائلة يمينًا، وخاصة.
ويعود بعض الناس أصل ربط الحزب الجمهوري باللون الأحمر إلى فترة الصراع الأهلي في ستينيات القرن التاسع عشر، عندما كان اللون الأحمر يرتبط بالشمال الفدرالي الاتحادي، بينما كان اللون الأزرق يستخدم للدلالة على مناطق الجنوب الانفصالية.
وتلقت تصنيفات الأزرق والأحمر العديد من الانتقادات بسبب ارتباطها بتوجهات الولاية، خاصة في حالات تنقسم فيها الولاية بين تأييدها لمرشح رئاسي ومعارضتها في انتخابات الكونغرس.
شهدت ولايتا أركنساس وفرجينيا الغربية هذا التقسيم في عام 2004، حيث فاز فيهما المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش في انتخابات الرئاسة، إلا أن الديمقراطيين في ذلك الوقت حصدوا جميع مقاعد الولاياتين في مجلس الشيوخ والأغلبية من مناصب الحكومة المنتخبة في تلك الولايات، بما فيها منصب حاكم الولاية.
وفي خطابه أمام المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة بوسطن عام 2004، تحدث باراك أوباما عن مسألة الولايات الزرقاء والحمراء، مشيرًا إلى: “يعشق الخبراء والمحللون تقسيم بلدنا إلى ولايات زرقاء وحمراء؛ الولايات الحمراء للجمهوريين، والولايات الزرقاء للديمقراطيين، ولكن لدي خبر سيء لتلك الجهات، إذ نحن نعتنق الإيمان بالرب نفسه، نحن شعب واحد، كلنا نتعهد بالولاء للدستور والعلم الأمريكي، وندافع عن الولايات المتحدة الأمريكية”.