الإصدار الثاني من “قناع بلون السماء”
في خطوة جريئة تأخذ بأحداث الأسى، يواصل الأسير باسم خندقجي، المحكوم بثلاثة مؤبدات، تحديه لسجَّانه الإسرائيلي، بإطلاق الجزء الثاني من روايته “قناع بلون السماء”، الذي نال “جائزة الرواية العربية” في دورتها السابعة عشرة. صدر هذا الجزء تحت عنوان “سادن المحرقة” عن “دار الآداب”، ويتميز بكونه مرتبطًا بالأحداث السابقة بطريقة مبتكرة تتيح للقارئ الاستمتاع به بشكل مستقل أو مرتبط بالجزء الأول.
شخصية أور شابيرا
الرواية الجديدة تتناول شخصية أور شابيرا، اليهودي الأشكنازي، الذي اكتشف هويته المستعارة والتي تعود لنور الشهدي، الفلسطيني بطل الجزء الأول. تبدأ دلالات الأحداث مع أور، المعروف بنقله إلى حرب غزة عام 2008 وعواقبها المروعة. وبتأثير الصدمات النفسية، يظهر أور في حالة نفسية متقلبة، تظهر نواحٍ من ضعفه وحياته المعقدة، حيث يعيش تحت وطأة الماضي وعذابات أفراد عائلته الذين فقدوا حياتهم.
الأزمة النفسية والأسئلة الوجودية
يفتتح خندقجي الرواية بأسئلة عميقة تتعلق بالهوية والوجود، مستعرضًا المآسي التي مر بها أور، مثل وفاة والدته واغتيال أخيه بينما كانا يخدمان في الجيش. تلك الأحداث تترك أثرًا نفسيًا بالغًا عليه، ويبدو أنه يحاول إيجاد تفسيرات لمصدر ذلك العنف والطبيعة الانتقامية للبيئة المحيطة به.
مفاجآت السرد وتداخل الشخصيات
ببراعة السرد، يتمكن خندقجي من خلق ترابط مستمر بين جزأي الرواية. يعرض لنا الآنية النفسية لأور شابيرا بتفاصيل مكثفة، بينما يعيد إحياء شخصية نور الشهدي بجاذبية تتسم بتعقيد العلاقات الإنسانية. يحاول أور البحث عن هويته الحقيقية وما حدث له في عالم يبدو مفعمًا بالغرابة والصراع.
بين الأسير والغفران
خندقجي، بعد قضاء عشرين عامًا وراء القضبان، يجسد حريته من خلال الكتابة، مما يطرح التساؤلات حول كيفية قدرة سجين على تقمص شخصية سجانه، واستخدام قلمه لمزج الألم مع الإبداع بينما يعكس صورته كعازف في حالة الغفران والمصالحة.
يُذكر أن باسم خندقجي اعتُقل في عام 2004، وطرح عدة أعمال أدبية متميزة، وهو الآن ينتظر أن يكمل ثلاثيته التي تحمل عنوان “ثلاثية المرايا”. وبالتالي، تبقى النهاية المفتوحة للرواية بمثابة دعوة للقارئ لاستكشاف العوالم المختلفة للشخصيات المعقدة لدى خندقجي.