رصد العلاقة بين الشرق والغرب في الأدب العربي
لطالما كان الأدب العربي مهتمًا بتسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين الشرق والغرب، وخاصة في أبعادها العاطفية. يظهر ذلك جليًا في روايات مثل «عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح. في هذا السياق، يأتي كتاب «الخواجاية» الصادر حديثًا عن دار «الشروق»، ليطرح القضية نفسها من خلال سيرة روائية واقعية تقدمها المؤلف فيموني عكاشة عن والدتها الهولندية.
قصة الحب والزواج
تتجلى في الكتاب مفارقة عميقة من خلال اسم المؤلفة. فهي ابنة لمصري يُدعى أنور عكاشة وامرأة هولندية تُدعى غيردا. اختار الأب أن يسمي ولديه، عبد الله وكمال، على اسم والده وأخوته، بينما اختار لابنته اسمًا مركبًا. تروي السيرة قصة الحب والزواج بين المهندس المصري أنور، المعروف بوسامته وثروته، و«غيردا» التي لم يكن عائلتها متحمسًة لزواجها منه نظرًا لاختلاف الجنسية والثقافة.
ذاكرة الأم الحادة
يغطي الكتاب فترة تمتد من الستينيات وحتى انتفاضة 25 يناير 2011. لم تقتصر المؤلفة على رواية ما عاشته بل اجتهدت في جمع شهادات عائلية، محاولة توثيق ذاكرة والدتها التي اعتبرت ذات يوم «ذاكرة حديدية»، بالمقارنة مع ما كانت تسميه بـ«ذاكرة السمكة». تتذكر العائلة تفاصيل دقيقة بشأن تواريخ الميلاد والزفاف، مما يعكس عمق تأثير هذه الذكريات على حياة الجميع.
مواجهة الخرف
تبدأ رحلة الألم عندما تصاب غيردا بالخرف. تطورت حالتها بشكل جعل العائلة في قلق دائم. كان الطبيب قد نصحها بالتوقف عن التدخين، لكنها فشلت في ذلك بعد سنوات طويلة من التدخين. تضطر ابنتها إلى التعامل مع تقلبات مزاجها، ومحاولة استيعاب الحالة الصعبة التي تمر بها والدتها.
مشهد النهاية المؤثر
تصف فيموني لحظة تلقيها خبر وفاة والدتها بكلمات مؤثرة، حيث تتذكر كيف تغمرها المشاعر المتضاربة في غياب والدتها الصامدة. تطرح هذه اللحظة سؤالًا عميقًا حول الفقدان وكيفية التأقلم مع غياب من أحببناهم.
هذا الكتاب لا يروي مجرد قصة عائلية، بل يستعرض الموضوعات المعقدة المرتبطة بالهوية، الثقافات المتضاربة، وصراع الأم مع المرض، مما يجعله تجربة فريدة تعكس عمق العلاقات الإنسانية في ظل الاختلافات الثقافية.