ما هي ظاهرة “دانا” التي أغرقت إسبانيا؟ وهل ستؤثر على دول البحر المتوسط؟
شهدت المدينة سقوط كميات كبيرة من الأمطار تعادل ما يُهطل على مدى سنة كاملة خلال بضع ساعات، مما أسفر عن غمر مناطق واسعة، ونتج عنه وفاة 155 شخصا ولا يزال العشرات مفقودين. وقد سجلت المدينة معدلات هطول تجاوزت 500 لتر لكل متر مربع، وهو رقم كبير يوضح حجم الكارثة.
تأتي هذه الكارثة لتثير دعوات ملحة لتحسين استراتيجيات الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية المتزايدة نتيجة التغير المناخي، حيث تمثل إنذارا لجميع الدول على حوض البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الدول العربية.
ما هي ظاهرة “دانا” المباغتة؟
ترتبط ظاهرة “دانا” بتغير الفصول، وتظهر على ارتفاعات تصل إلى 9 كيلومترات فوق سطح البحر. تحدث هذه الظاهرة عندما تتصادم كتلتان هوائيتان، واحدة دافئة والأخرى باردة، مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الجوية التي قد تنتج عنها أمطار غزيرة وعواصف مفاجئة.
تتحرك التيارات الهوائية القوية في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وفي بعض الأحيان تبدأ بالتذبذب مما يتسبب في احتجاز الهواء البارد في مكان واحد مما يؤدي إلى تأثيرات خطيرة عندما يواجه مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة.
يُعتقد العلماء أن الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط معرضة بشكل خاص لمثل هذه الظواهر الجوية القاسية بسبب موقعها الجغرافي، ومن بينها إسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان.
التغير المناخي.. الجندي المجهول
تسهم الظروف المناخية التي تزداد حدة في تفاقم الكوارث الطبيعية، مما يجعلها تحديا كبيرا أمام الدول في المنطقة، حيث يتطلب الأمر استعدادا أكبر لمواجهة هذه التغيرات المناخية الحادة.
### ارتفاع حرارة البحر الأبيض المتوسط وتأثيره على ظاهرة “دانا”
يعتقد العديد من الخبراء أن الزيادة في درجات حرارة البحر الأبيض المتوسط، والتي ارتفعت بمقدار 1.5 درجة مئوية منذ الثمانينيات، تلعب دوراً مهماً في تفاقم ظاهرة “دانا”.
العلاقة بين ارتفاع الحرارة والتغير المناخي
إن ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بشكل وثيق بالتغير المناخي والاحتباس الحراري. وفقاً للخبراء، أصبحت البحار تعمل كحزام ناقل للرطوبة والطاقة، مما يؤدي إلى زيادة كثافة الأمطار عندما يحدث تباين كبير في درجات الحرارة بين سطح البحر واليابسة.
تغييرات في توقيت وظاهرة “دانا”
تسبب الاحترار المتسارع للبحار والمحيطات، وبالتحديد البحر الأبيض المتوسط، في حدوث تغييرات ملحوظة في توقيت ظاهرة “دانا”، حيث بدأت هذه الظاهرة تظهر في وقت أبكر من المعتاد، بدءاً من مايو/أيار بدلاً من الشهور السابقة التي اقتصرت على شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول.
زيادة في عدد الحالات المتكررة
خلال الستين عاماً الماضية، تم تسجيل زيادة ملحوظة في وتيرة حدوث هذه الظاهرة، حيث تراوحت نسبة الزيادة بين 15% و20%. ومع تفاقم التغير المناخي، من المتوقع أن تتفاقم هذه الظواهر، مما قد يؤدي إلى تكرار حوادث مشابهة في نطاق أوسع ضمن حوض البحر الأبيض المتوسط.