بلومبيرغ: أميركا الجنوبية تتجه نحو الصين بعد تجاهل واشنطن وأوروبا
في ظل تراجع الدعم الأميركي والأوروبي لاقتصادات أميركا الجنوبية، أصبحت الصين الوجهة الاقتصادية الأكثر جذبًا للمنطقة، حيث استثمرت بكثافة في مشاريع البنية التحتية والتجارة لتعزز من حضورها. وتوضح بلومبيرغ في تقريرها الأخير تفاصيل هذه الديناميكية الجديدة والدور المتزايد الذي تلعبه الصين في التجارة والتنمية الاقتصادية في القارة.
مشروعات عملاقة
أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى بيرو للمشاركة في قمة منطقة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، تم افتتاح ميناء تشانكاي الحديث باستثمار قيمته 1.3 مليار دولار.
تعتبر بلومبيرغ هذا الميناء مثالاً على التكنولوجيا المتطورة، حيث يسعى إلى تقليل أوقات الشحن بشكل ملحوظ من خلال توفير خط مباشر مع شنغهاي، مما يعزز فعالية التكاليف اللوجستية بشكل كبير. وفي البرازيل، تسعى الصين لبناء شبكة طرق وسكك حديدية متكاملة تقلل زمن شحن السلع إلى الصين بمقدار 10 إلى 12 يوماً. هذه الخطط تهدف لدعم التجارة الثنائية التي شهدت نموًا هائلًا على مدار العقد الماضي، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل منذ عام 2009.
وفي ولاية باهيا، تعمل شركة “بي واي دي” الصينية على تحويل مصنع سيارات قديم إلى منشأة لإنتاج السيارات الكهربائية، مما يعكس خطوات الصين لتعزيز نفوذها في قطاع السيارات بالمنطقة.
الصين تعزز العولمة
استجابة لتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على الواردات، تتجه الصين لتعزيز علاقاتها التجارية مع دول الجنوب العالمي. وخلال الزيارة، صرح الرئيس شي بأن “تقسيم عالم مترابط هو خطوة إلى الوراء في التاريخ”، مؤكدًا التزام بلاده بفتح أسواقها أمام التجارة الدولية.
تصريحات الرئيس تأتي في وقت تسود فيه القلق من السياسات الحمائية نحو تراجع التجارة العالمية، مما يدفع دول أميركا الجنوبية للبحث عن شركاء أكثر استقرارًا كالصين، مما يشير إلى تحول كبير في العلاقات الاقتصادية في المنطقة.
### الأرجنتين تواصل تعزيز العلاقات مع الصين
تجاوزت وكالة بلومبيرغ الأضواء المسلطة على البرازيل لتتحدث عن الأرجنتين، حيث إن تصريحات الرئيس الأرجنتيني اليميني الجديد خافيير ميلي، الذي وصف الصين بأنها “قاتل”، لم تؤثر على الواقع الاقتصادي الذي يتطلب تعزيز العلاقات مع بكين.
### خطوات لافتة في العلاقات التجارية
كخطوة بارزة، بدأت الأرجنتين هذا العام بتصدير الذرة إلى الصين لأول مرة منذ 15 عامًا. كما أن الحكومة لم تلغ حتى الآن عقد الإيجار الصيني الذي يمتد لـ50 عامًا لمحطة فضائية في باتاغونيا، ما أثار مخاوف أمنية في الولايات المتحدة.
### تحديات مرتبطة بالاستثمارات الصينية
رغم أن الاستثمارات الصينية تساهم في تطوير البنية التحتية في دول أمريكا الجنوبية، إلا أن ذلك مصحوب بتحديات ملحوظة.
في الإكوادور، على سبيل المثال، أدى عطب في محطة كهرومائية تم تمويلها من قبل الصين إلى انقطاع واسع للكهرباء، مما أثار تساؤلات حول جودة هذه المشاريع واستدامتها.
كما أشار تقرير بلومبيرغ إلى أن بعض هذه المشاريع تواجه مشكلات في الديون أو تفشل في تحقيق الأهداف المتوقعة، مما يزيد من المخاوف بشأن الاعتماد الكبير على التمويل الصيني.
### أبعاد جيوسياسية للاستثمارات الصينية
من المتوقع أن تعزز استثمارات الصين في أمريكا الجنوبية موقعها كفاعل رئيسي في الاقتصاد العالمي، خاصة مع تركيزها على تطوير البنية التحتية والمشاريع الكبيرة.
وأكد فيليبي هيرنانديز، المحلل الاقتصادي في بلومبيرغ، أن الصين أصبحت الشريك الرئيسي لدول مثل البرازيل والأرجنتين، في حين ستواجه المكسيك ضغوطًا أمريكية لتقليل اعتمادها على بكين.
ومع انشغال أوروبا بأزماتها الأمنية والسياسية وتراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، تبدو الصين شريكًا أكثر جاذبية لدول أمريكا الجنوبية.