أمهات ذوي القدرات الخاصة: أحلام متعثرة ودعم محدود
تتواجه أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة مع صعوبات عديدة، تتراوح بين الحصول على معاش شهري، وحجز مواعيد مع مختصين، وبين صدمات نفسانية تتجدد مع كل عقبة تعترض طريق أطفالهن. هذا ما دفع الجزيرة نت للحديث مع هؤلاء الأمهات حول أحلامهن.
أمنيات بسيطة
تشير هناء (اسم مستعار) إلى تلك المعاناة قائلة: “أريد فقط أن أجد ما ينفع أطفالي”؛ حيث تعيش في قرية بعيدة عن المدينة وتعتني بكل من طفليها الكفيفين. بعد عامين من التحدي في المدرسة العامة، تمكنت ابنتها الكبرى أخيرًا من تعلم طريقة “برايل”، لكنها الآن تتعلم في مدرسة للمكفوفين تبعد ساعتين عن منزلها.
تشعر هناء بقلق دائم على طفلها الأصغر الذي لا يستطيع النوم في المدرسة نتيجة تعرضه للتنمر. واشتكت من عدم وجود أي ضوابط لليالي المبيت في المدرسة، وهو ما يضعها في حيرة من أمرها: “كيف أتركه وحيدًا؟” تساءلت بينما تتمنى أن يصير أطفالها في بيئة آمنة.
بحث عن المعرفة
أوضحت هناء أن حلم ابنتها يتمثل في قراءة القصص، بينما تطمح هي لاقتناص مصحف مناسب لها، مشيرة إلى صعوبة العثور على كتب بطريقة “برايل” في مصر وغلاء ثمنها الذي يصل لحوالي 60 دولارًا. ولفتت هناء إلى الأخطاء المتكررة في نسخ المصاحف الخاصة بالمكفوفين، مما يدفع الأهالي للاصطفاف في قائمة انتظار للحصول على نسخ جديدة قبل شهر رمضان.
التغلب على التحديات
علي، الذي ولد لأبوين صيادلة في عام 2011، يواجه تحديات إضافية، حيث تحدثت والدته هايدي كارم عن جهلهم بقضية “متلازمة داون”، والتي لم يُدرَّسوا عنها شيئًا سوى نصف صفحة في الجامعة. وتُظهر هذه القصة واقعًا مريرًا يعيشه العديد من الآباء في المجتمع.
### نضال الأمهات: قوة الإرادة أمام التحديات
أثرت “متلازمة داون” على حياة والد الطفل علي بشكل كبير، حيث تلقت الأسرة نصائح مؤلمة من الأطباء تطالبهم بإنجاب طفل آخر، مما أسفر عن إحباط والدته هايدي كارم. لكن رحلة البحث عن معلومات ودعم لم تكن سهلة، حتى سمعوا عن مؤسسة “زيي زيك” التي تأسست على يد نهى السحراوي ومجموعة من الأمهات ذوات الهمم لتقديم المساعدة للأسر المحتاجة.
#### تضامن الأمهات وتبادل الخبرات
تحدثت هايدي عن تجربتها مع نهى السحراوي وأثرها الإيجابي على حياتها، قائلة: “علمتني كيف أتعامل مع ابني وأعطتني أملًا في تطوير مهاراته”. لذا، قررت هايدي أن تطوع في مؤسسة “زيي زيك” حتى توقفت الأنشطة بسبب جائحة “كوفيد-19″، حينها أنشأت صفحة على “فيسبوك” تحت اسم “بوند-Bond” لمشاركة المعلومات والدعم مع أمهات أخريات.
بدأت مبادرة “بوند-Bond” في عام 2020 بهدف تعليم الأمهات كيفية التعامل مع أطفالهن ومساعدتهن نفسيًا، لكن سرعان ما تطورت لتشمل دعم الأمهات الجدد الذين يواجهون تحديات مع أطفالهم في مختلف الأعمار.
#### الفردية في مواجهة التحديات
تقول هايدي: “في بداية الأمر، شعرت بأنني وحدي في مواجهة التحديات والعوائق”. مشاعر اليأس والشعور بالتقاعس تزيد الضغط على الأمهات، لكن الوصول إلى الدعم والمشاركة شعور يخفف من الصعوبات. تتواصل هايدي مع أمهات عربيات للحصول على المساعدة، وجدت أنه في العديد من الدول يتم تقديم الدعم الطبي الأفضل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مقارنة بما هو متوفر محليًا.
#### حلم من أجل مستقبل أفضل
عندما طُرحت على هايدي سؤال حول أمنيتها، أجابت: “أرغب في أن يتجاوز الأطباء الصورة النمطية عن الأطفال ذوي الهمم”. تتطلع إلى أن يتم توفير فرص تعليمية ومهارات تناسب احتياجات الأطفال واهتماماتهم.
### حياة ذات هدف: تجربة هدى عبد الله
لم تكن هدى عبد الله مختلفة، فقد أسست مؤسسة “أنا إنسان” عام 2017 بعد 10 سنوات من التجارب القاسية مع ابنها عبدالله. تسعى هدى لتوفير مراكز تأهيل بأسعار مناسبة، وتعبر عن قلقها حيال نقص الدعم التعليمي لأطفال ذوي الهمم في المدارس العامة.
تقول هدى: “ابني بحاجة إلى هدف في الحياة، وعلينا أن نوفر له الفرص المناسبة.” وتهدف إلى إنشاء مركز تأهيل مهني للأطفال فوق سن 15 سنة، لتأمين مستقبل إنتاجي لهم.
### حق التجربة: إيمان ومرام
تحدثت إيمان، والدة فتاة من ذوات الهمم، عن معاناتها مع نظام التعليم وكيف سعت لإدخال ابنتها في برامج تتناسب مع مهاراتها. رغم التحديات والعوائق التي واجهتها إيمان، أظهرت أنها لن تتخلى عن حلمها في أن تدرس ابنتها مجالًا يساعدها على إظهار إمكانياتها.
وأكدت إيمان: “التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا يجب أن يكون موجهًا وفقًا لقدراتهم”. تسلط هذه التجارب الضوء على ضرورة توفير بيئات تعليمية مناسبة تدعم احتياجات الأطفال ذوي الهمم.
—
تحتوي هذه القصص على الكثير من الأمل والإلهام، حيث تسعى الأمهات للتغلب على التحديات من خلال الدعم المتبادل وخلق الفرص لأطفالهن، على الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهونها.