ماذا لو كان الكون بلا بداية أو نهاية؟

مقدمة
اقترح فريق من الباحثين أن الكون الذي نعيش فيه قد يكون دوريا، أي بلا بداية أو نهاية، حيث يمر بدورات متكررة من الانكماش والتمدد. في كل دورة من هذه الدورات، تسهم عملية الانكماش في محو جميع التفاصيل الدقيقة من الدورات السابقة، مما يعني أن الكون سيبدأ من نقطة الارتداد بنفس الظروف التي كانت عليه سابقا. وفقاً لهذه النظرية، ستكون خصائص الكون مثل درجة الحرارة وكثافة المادة المظلمة والطاقة المظلمة وعدد النجوم والمجرات مشابهة تقريباً في كل دورة. ويعني ذلك أنه إذا كنت قد عشت على كوكب مثل الأرض في دورة سابقة، ستلاحظ تقريبا نفس الخصائص الأساسية للكون كما نلاحظها اليوم. عالم الكونيات المجرية، أنا إيجاس، تشرح هذه الفرضية المثيرة.
تحولات في فهم الكون
بالرغم من أن الكثير من الناس يتصورون أن الكون بدأ من انفجار عظيم، فإنني قد كنت أعتقد ذلك قبل عشرة سنوات، لكنني أدركت لاحقاً أن هذه الفكرة لم تُحسم، ولا زالت تحتاج إلى المزيد من البحث والإجابة.
هذا السؤال دفعني إلى تغيير مسار حياتي المهنية، حتى أصبحت عالمة فلك على الرغم من انتهائي مؤخراً من الحصول على درجة الدكتوراه في فلسفة الفيزياء الكمية. ما اكتشفته منذ ذلك الحين قد يكون بديلاً جذرياً للسؤال الذي طرحه أوغسطينوس منذ زمن طويل وهو: ما الذي حدث قبل البداية؟ الجواب المثير هو أنه قد لا يكون هناك انفجار عظيم بل الكون يمكن أن يكون كياناً أبدياً بلا بداية أو نهاية، يمر بدورات من الانكماش والتمدد.
في عشرينات القرن العشرين، اقترح الفيزيائي الروسي “ألكسندر فريدمان” وعالم الفلك البلجيكي “جورج لومتر” أن الكون في حالة توسع مستمر، استندت هذه النظرية إلى ملاحظات عالم الفلك الأمريكي “إدوين هابل” الذي قدم أدلة تدعم فكرة توسع الكون من خلال ملاحظاته لحركات المجرات البعيدة. وقد أظهرت هذه الأدلة أن الكون كان في السابق ضئيلاً ومرتفع الحرارة.
رغم شيوع فرضية الانفجار العظيم، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع يدعم هذه الفكرة، لكن هذه النظرية أصبحت سائدة بين العلماء وكنا نتعلمها منذ الصغر. ومع ذلك، ينمو التشكيك في صحة هذا الانفجار العظيم، ويرتبط هذا الشك ارتباطا وثيقا بنظرية الكم. عندما كانت نظرية الانفجار العظيم مسيطرة، كانت القوانين التي تحكم عالم الجسيمات دون الذرية واضحة، بما في ذلك فكرة أن الجسيمات يمكن أن تظهر وتختفي من الوجود باستمرار.
بينما يهدف التضخم إلى توسيع الكون بسرعة لتحقيق التجانس، فإن التقلبات الكمومية يمكن أن تؤثر على هذه العملية. في الأماكن التي يحدث فيها التضخم بشكل كبير، قد تؤدي هذه التقلبات إلى استمرار ظاهرة التضخم بشكل غير قابل للتحكم، ما يمنعها من التوقف إلا في مناطق نادرة. ونتيجة لذلك، يمكن أن تتغير الخصائص الكونية بشكل عشوائي مما يؤدي إلى وجود مجموعة من الأكوان المختلفة ضمن نطاق “الكون المتعدد التضخمي”، وهو مفهوم يشير إلى وجود أكوان متعددة تتميز بتنوع واسع من الخصائص.
### ظهور الكون: من النقطة إلى الاتساق
عند بداية تكوين الكون، كان عليه أن ينشأ كنقطة صغيرة جداً. وكان من المتوقع أن تحتوي هذه النقطة على تقلبات طاقة كبيرة تؤدي إلى تباينات في توزيع الطاقة عبر مختلف أجزاء الكون نتيجة لتمددها. ومع ذلك، فإن الواقع الذي نشهده اليوم يبدو مختلفًا تمامًا؛ حيث يظهر الكون بنمط متجانس وذو توزيع متساوٍ للمادة والطاقة على مسافات شاسعة، مما يتعارض مع التوقعات التي تنجم عن تطبيق مبسط لنظرية الكم على بداية الكون.

### لماذا يبدو الكون بهذا الاتساق؟
على الرغم من أن المادة في الكون تت جمع بشكل عشوائي في كتل تعرف بالمجرات، فإن توزيع المادة على نطاق واسع يبدو أنه متجانس وسلس للغاية. وهذا يطرح سؤالاً جوهرياً: لماذا يظهر الكون بهذا القدر من الاتساق؟
وفقا لنظرية الكم، كان من المفترض أن تؤدي التقلبات الكمية عند بدء الكون إلى تشوهات في نسيج الفضاء. ومع توسع الكون، كان من المتوقع أن تتعرض هذه التشوهات للتوسيع، مما يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في مسارات الضوء أثناء انتقاله عبر الكون. ولكن البيانات الفلكية تظهر أن هذه التشوهات غير موجودة.
### مفهوم التضخم الكوني
في أوائل الثمانينات، قدم علماء نظرية فيزيائية مثل آلان غوث، وأندريه ليند، وأندرياس ألبريخت، وبول شتاينهارت مفهوم “التضخم الكوني”، والذي يشير إلى فترة قصيرة من التوسيع السريع جداً للكون بعد الانفجار العظيم. وقد أدت فرضيات هذه الفكرة إلى تفسير لماذا تبدو الكون متجانسًا؛ حيث يفترض أن التضخم قد أزال أي تشوهات في نسيج الزمكان وجعل توزيع المادة متجانسًا.
ومع ذلك، فإن نظرية التضخم تواجه مشكلات تتعلق بوجود جسيم افتراضي اسمه “الانفلاتون” الذي يجب أن يعمل بالطريقة الصحيحة خلال فترة معينة. لكن وفقًا لنظرية الانفجار العظيم، من غير المحتمل أن يحدث هذا، مما يعني أن التضخم قد لا يكون قد حدث كما ينبغي.
### التأثيرات الكمومية والتنوع الكوني
التقلبات الكمومية تمثل تحدياً آخر، إذ قد تؤدي في بعض المناطق إلى تخفيض التضخم أو حتى الاستمرار في ولاية التوسع دون السيطرة. وهذا قد يؤدي إلى كون مقسم إلى مناطق ذات خصائص متنوعة وعديدة بشكل عشوائي. وقد أفضى هذا المفهوم إلى مصطلح “الكون المتعدد التضخمي”، والذي يعكس إمكانية وجود أكوان متعددة بخصائص متنوعة.

### مجموعة من التحديات الجديدة
رغم تأكيد الكثير من علماء الكونيات على صحة النظرية التضخمية، إلا أنني وجدت نفسي مشدودًا لمواجهة التحديات المرتبطة بها. واحدة من أبرزها هي الموجات الجاذبية البدائية التي تنشأ من تقلبات الكمومية في نهاية التضخم. ورغم محاولات رصد مثل هذه الموجات من خلال الأقمار الاصطناعية مثل بلانك، تواجه النتائج صعوبة في إثبات هذه الظواهر.
بينما أظهرت الدراسات أن الموجات الجاذبية البدائية لم تُكتشف كما هو متوقع، امتلأ قلبي بالشك، مما دفعني إلى البحث عن مسارات جديدة لفهم الكون، بعيدًا عن التفسيرات السائدة.
### الخاتمة
في ضوء التحديات التي تواجه نظرية التضخم الكوني والنظريات المرتبطة بها، يبقى سؤال جذري حول طبيعة الكون ومستقبله دون إجابة واضحة. وهذا يدفع الباحثين لاستكشاف أفكار جديدة لفهم أسرار الكون بشكل أعمق وأكثر دقة.### التفكير في الكون: نظرية الانكماش والارتداد
في خطوة جديدة نحو فهم أسرار الكون، ناقش بول شتاينهارت وقدم بدائل لنظرية الانفجار العظيم، مشيراً إلى إمكانية أن الكون قد نشأ بعد انكماش كون سابق، حيث تقلص حتى وصل إلى نقطة صغيرة، ثم ارتد، مما أدى إلى توسعه الحالي.
### مفهوم الطاقة وتأثيرها على الانكماش
يتطلب نموذج الانكماش البطيء نوعاً خاصاً من الطاقة تسمى طاقة الضغط العالي. هذه الطاقة تعمل على إبطاء عملية الانكماش وتتيح تصحيح أي تشوهات في طاقة الزمكان. يتميز هذا النموذج بأنه لا يحتاج إلى ظروف ابتدائية خاصة لبدء حدوثه، فمثلاً يمكن أن يبدأ بفقدان الطاقة المظلمة.
### الانتظام في الكون البارد
يعتبر الانكماش البطيء ميزة فريدة، حيث يحافظ على استقرار التقلبات الكمية، مما يعني أن نتائج النموذج تكون أكثر وضوحاً وسهولة في التنبؤ. وعلى النقيض من ذلك، تؤدي التقلبات الكبيرة في نظرية التضخم إلى كون عشوائي ولتوزيع خصائص مختلفة.

### ارتداد الكون: فكرة مثيرة
رغم الأمل في إمكانية حدوث ارتداد للكون كل 100 مليار سنة، لا توجد أدلة حاسمة تثبت هذه الفرضية. السنة الماضية، تم نشر دراسة نظرية توضح كيفية إمكانية تحول الانكماش إلى توسع، مما يمهد الطريق لتصور كون يوزع طاقة متجانسة ومسطحة.
### البحث عن أدلة موثوقة
بالتعاون مع شتاينهارت، تعكف مجموعة من الباحثين على تطوير نماذج رياضية تهدف إلى استكشاف إشارات قد تدل على حدوث الانكماش والارتداد. وفي هذا السياق، يبرز نموذج يمكن أن يتنبأ بعدم إنتاج موجات ثقالية بدائية، مما يتماشى مع النتائج السابقة للملاحظات الفلكية.
### المستقبل في علم الفلك
تسعى المشاريع الحالية، مثل مرصد سيمونز في تشيلي، إلى رصد موجات الجاذبية البدائية بدقة أعلى. إذا تم إثبات وجود هذه الموجات، فقد يعني ذلك عدم صحة فكرة الانكماش البطيء. ويرى العلماء أن الأدلة المستقبلية حول هذا الموضوع قد تكشف المزيد عن طبيعة الكون.
### الكون الدائري والانكماش المستقبلي
بتوجه جديد، قد يكون الكون عبارة عن دورة متكررة من الانكماش والارتداد، فيكون بلا بداية أو نهاية. وانطلاقاً من هذه الفكرة، يُحتمل أن ينتهي التوسع الحالي للكون ويدخل مرحلة انكماش جديدة.
### الخاتمة: علم الفلك ومستقبل الكون
إن إمكانية تحقق هذه النماذج قد تتيح لنا فهم أفضل لماهية بداية الكون. قد تكشف التجارب المستقبلية إن كنا قد انطلقنا فعلاً من نقطة الانفجار العظيم أو إن الكون ينتمي لعملية دائرية لا تنتهي.### نظريات حول نشأة الكون
إذا كنت تعتقد أن الكون له بداية محددة، فإن هناك مجموعة من الأفكار الجريئة التي قدمها علماء الفيزياء تعارض هذا المفهوم. من بين هذه الأفكار “نظرية الحالة المستقرة”، التي اقترحها عالم الفلك فريد هويل في عام 1948.
#### نظرية الحالة المستقرة
تشير هذه النظرية إلى أنه إذا كانت المادة الجديدة تتشكل باستمرار مع تمدد الكون، فإن أي منطقة جديدة من الفضاء ستبدو مشابهة لبقية الكون، مما يلغي الحاجة لوجود بداية أو نهاية للكون. الغريب أن هويل هو الذي أطلق مصطلح “الانفجار العظيم” في إطار سخرية من أفكار عالم الفلك جورج لومتر حول توسع الكون، لكن هذا المصطلح أصبح لاحقًا راسخًا لوصف النموذج الذي يفسر نشوء الكون، مما حول السخرية إلى حقيقة علمية.
#### وجهة نظر هوكينغ وهارتل
بينما طرح ستيفن هوكينغ وجيمس هارتل وجهة نظر مختلفة تمامًا عن نظرية الانفجار العظيم، حيث افترضا أنه مع العودة بالزمن نحو الانفجار العظيم، ستختفي الأبعاد الزمانية وتحل محلها أبعاد مكانية، مما يعني أن الكون لا يحمل حدودًا زمنية وأن سؤال “ماذا حدث قبل الانفجار العظيم” يصبح بلا معنى.
#### الكون المضاد
على الرغم من ذلك، عارض كل من لاثام بويل ونيل توروك هذه الفرضية، مقترحين بدلاً من ذلك فكرة جديدة تشير إلى أن كوننا قد يكون صورة طبق الأصل عن كون آخر مضاد، يمتد نحو الوراء في الزمن قبل الانفجار العظيم ويتوسع بشكل مستمر. هذا الكون المضاد يتكون من المادة المضادة، والتي تتكون من جزيئات تعاكس الجزيئات العادية.
#### نظرية الأوتار
من جهة أخرى، اقترح كومرون فافا من جامعة هارفارد وروبرت براندنبرغر من جامعة ماكغيل أن الكون نشأ من غاز ساخن كثيف يتكون من الأوتار الفائقة المثارة، والتي يُعتقد أنها الجسيمات الأساسية للمادة.
#### الزمكان كبنية ذرية
يؤمن بعض علماء الفيزياء بأن الزمكان نفسه يتكون من جزيئات صغيرة تشبه الذرات. يشير دانييل أوريتي، الفيزيائي من معهد ماكس بلانك في ألمانيا، إلى أن هذا النموذج قد يتضمن تحولات مشابهة لما يحدث للذرات، مشيرًا إلى أن الذرات يمكن أن تتشكل في حالات مختلفة مثل الصلب والسائل والغاز. وبالمثل، يمكن لجسيمات الزمكان أن تتجمع أو تتوزع بحسب ظروف معينة. ويظل السؤال حول ما حدث قبل اللحظة التي تشكل فيها الكون، سؤالاً مفتوحًا ومعقدًا في علم الفيزياء.
#### أهمية البحث المستمر
هذه الأفكار تضيف إلى النقاش المستمر حول طبيعة الكون، مما يفتح أمام العلماء آفاقًا جديدة لفهم أعماق نشأته.
المصدر: مواقع إلكترونية