كيفية التعرف على أصدقائك الذين يعانون من “عقدة الشهيد”
هل لديك صديق دائم الإدعاء بأنه بجانبك، ويخبرك أنه يقوم بتضحيات كبيرة لم تطلبها، ومع ذلك يلومك لعدم تقدير جهوده؟ قد يعاني هذا الصديق من “عقدة الشهيد”.
نتناول في هذه المقالة تفاصيل هذه العقدة، وأسبابها، وكيفية التعامل معها بذكاء لبناء علاقات صحية ومتوازنة.
ما هي “عقدة الشهيد”؟
يستخدم مصطلح “عقدة الشهيد” (Martyr complex) لوصف الأشخاص الذين يبالغون في تقديم أنفسهم كضحايا يضحون بإحتياجاتهم لإرضاء الآخرين، دون أن يحصلوا على التقدير اللازم في المقابل.
ليس هناك تشخيص رسمي في علم النفس لداء “عقدة الشهيد”، ولكنه يوصف عادة بأنماط شخصيات معينة تضحي لاحتياجات الآخرين وتواجه صعوبة في قول “لا” أو رفض الطلبات، مما قد يقودها للإرهاق النفسي.
غالباً ما يتحدث المصابون بهذه العقدة عن تضحياتهم بدون توقف في انتظار إشادة من الآخرين.
أنواع المصابين بـ”عقدة الشهيد”
تختلف “عقدة الشهيد” عن “عقدة المنقذ”، حيث يشعر المنقذ بحاجة لإنقاذ الآخرين دون توقع أي مكافآت مادية. بالمقابل، ينتظر المصابون بعقدة الشهيد الثناء والإعجاب.
وفي كثير من الأحيان، يعتمد انتظار التقدير كدافع لتقديم التضحيات في العمل أو في علاقات الصداقة.
ربما توجد دوافع نبيلة أحيانًا، ولكن تبقى هذه العقدة مصدر مشكلات للشخص المعني.
إليكم الأنماط الأربعة الأكثر شيوعًا بين الأشخاص المصابين بعقدة الشهيد:
- النرجسي: على الرغم من أن تضحيات هؤلاء الأشخاص قد تبدو محبذة، إلا أنها غالبًا ما تكون مشروطة بالحصول على إعجاب الآخرين.
الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية (NPD) لديهم حاجة مستمرة لنيل إعجاب الآخرين، وميلهم لأداء دور “الشهيد” قد يكون بسبب سعيهم للثناء والتقدير.
كذلك، بعض المصابين بالاضطراب النفسي النرجسي قد يستخدمون سلوكيات التضحية كوسيلة للتلاعب والسيطرة.
- ذو الدوافع النبيلة: قد توجد دوافع نبيلة وراء سلوك التضحية الذي يظهره الأشخاص المصابون بعقدة الشهيد. في بعض الحالات، يمكن أن تكون هذه العقدة مدمرة وتؤدي إلى ضغط نفسي وعاطفي كبير، وخاصة بالنسبة للآباء والأمهات الذين غالباً ما يكونون ضحايا لهذا الشعور.
كثيراً ما يضع الآباء سعادة أبنائهم قبل سعادتهم الذاتية، ويعملون جاهدين لتلبية احتياجاتهم المالية، حتى وإن كان ذلك يتطلب منهم العمل بشكل مضاعف ومرهق. وكذلك، تهدر الأمهات الكثير من وقتهن وجهودهن وصحتهن لإرضاء متطلبات أبنائهن.
- المتفاني في العمل: تظهر عقدة الشهيد بشكل واضح في بيئات العمل، حيث يميل المصابون إليها إلى عدم الثقة في زملائهم ويشعرون أنهم الوحيدون القادرون على إنجاز المهام بشكل صحيح. غالباً ما يشتكون من أنهم مضطرون لفعل كل شيء بأنفسهم.
قد يكون دافعهم وراء هذا التفاني هو البحث عن التقدير والثناء، مما يؤدي إلى شعورهم بالاستياء إذا لم يحصلوا على الإشادة المطلوبة. كما يمكن أن تسهم مخاوف انعدام الأمان الوظيفي أو الرغبة في زيادة الراتب أو الترقية في هذا السلوك.
- الصداقات المبنية على عقدة الشهيد: تظهر هذه العقدة أيضاً في علاقات الصداقة، حيث يسعى البعض لتلبية احتياجات أصدقائهم يساعدونهم رغم عدم طلبهم للمساعدة، ثم يجدون أنفسهم غير مدعومين عندما يحتاجون إلى المساعدة، مما يؤدي إلى شعورهم بعدم التوازن في العلاقات.
علامات “عقدة الشهيد”
يمكن التعرف على المصابين بعقدة الشهيد من خلال بعض السلوكيات التي قد تتجلى عليهم، ومن بينها:
- صعوبة قول “لا”: يواجه هؤلاء الأفراد صعوبة في رفض طلبات الآخرين، وغالباً ما يندمون على اجابتهم بالموافقة.
- السلوك السلبي العدواني: قد يتسمون بالسلوك العدواني الساخر عند عدم حصولهم على التقدير الذي يتوقعونه.
- الحاجة المستمرة للاعتراف: يسعون دائماً للحصول على تقدير من الأشخاص من حولهم تقديراً لتضحياتهم.
- الشعور بأنهم ضحايا الظروف: غالباً ما يتصورون أن العالم ضدهم، ولا يرون أن لديهم دوراً في تحسين ظروفهم.
- أبطال السرديات: يميلون إلى وضع أنفسهم في مواقف الأبطال الذين ينقذون الآخرين.
- العمل بمفردهم: يفضلون العمل بأنفسهم لعدم ثقتهم بزملائهم في العمل.
على العكس، يتمتع الأشخاص الأصحاء بالتعبير عن رغباتهم بسهولة، ويحددون حدودهم بوضوح، ويعلمون أنهم ليسوا الوحيدين القادرين على إنجاز المهام، كما أنهم لا يعتمدون على التقدير بعد تقديمهم للمساعدة.