دمشق الفيحاء في عيون الشعراء
تتضمن هذه الباقة مختارات شعرية عن دمشق، متضمنة بعض الأبيات التي تجسد جمال المدينة وروعة تاريخها.
تشير المصادر التاريخية إلى أن مدينة دمشق، المعروفة بالفيحاء، تحمل تاريخاً يمتد لأكثر من 3000 عام قبل الميلاد، حيث شهدت تتابع الحقب التاريخية وتشكيل حضارة إنسانية رائعة.
معالم تاريخية مهمة
انتقلت الحروب على أراضي دمشق، واستقبلت جميع الحضارات، ومرت بها بدايات النبوات، حيث دخلها الإسلام في العام 636 ميلادي (14 هـ)، ومع تأسيس الخلافة الأموية، أصبحت دمشق مركزاً حضارياً تضيء من البرتغال إلى الصين.
أحد أبرز الأعمال التاريخية هو كتاب “تاريخ دمشق” الذي ألفه محدث الشام ابن عساكر، والذي يتضمن 80 مجلداً، ويعتبر من أعظم المؤلفات في تاريخ الإسلام.
أصوات شعراء دمشق
يصف الشاعر البحتري، مجد دمشق عندما دخل الخليفة المتوكل: “العيش في ليل داريا إذا بردا، والراح تمزجها بالراح من (بردى)”. بينما مدح الشاعر أبو اليمن الكندي عمران المدينة في عصر نور الدين زنكي بقوله: “إن نور الدين لما أن رأى في البساتين قصور الأغنياء، عَمَر الربوة قصرًا شامخًا للفقاء.”
عند دخول العثمانيين، حافظت دمشق على مكانتها كعاصمة للعلم، حيث شهدت ازدهار المؤسسات التعليمية كما وصفها عبد القادر النعيمي الدمشقي في كتابه “الدارس في تاريخ المدارس”.
جمال دمشق التاريخي والأدبي
ما زالت دمشق مضاءة بعبق العطور وزهورها، رغم كل الغزوات والمصائب التي مرت بها، استطاعت المحافظة على أسرارها وضخ الدماء في روح الحضارة. حيث ارتبطت بشعراء عظماء عكسوا واقعها عبر الكلمة، مثل أحمد شوقي الذي كتب عن عظمة دمشق.
خلاصة القول، تبقى دمشق رمزاً للجمال والتاريخ، تجسد روح الحضارة العربية وتهيمن على عرش الشعر والدوحة الأدبية، وظلت طيلة التاريخ نبض الحياة للشعراء وللثقافة العربية. تقديرًا لها، يحتفظ الأدب العربي بما يعكس عظمة هذه المدينة في ذاكرته الجماعية.
## دمشق في عيون الشعراء
تستمر دمشق، فترةً من الزمن، بكونها ملهمة للشعراء، حيث تعكس جمالها وعراقتها في كلماتهم. الشاعر صقر القاسمي قد عبّر في ديوانه “صحوة المارد” عن حبه الشديد لدمشق، حيث جاء في خاطرة له:
“كم في هواك أرى الشقاء سعادة
واللوم حين تمر بي ذكراك
طلبوا بأن أسلو هواك وهل أرى
دنيا تلد بغير جرح هواك…”
يشير القاسمي في قصيدته إلى الحزن الذي يحمله في قلبه بسبب حبه لدمشق، وكيف أن جمال المدينة وذكرياتها تبقى راسخة في روحه وتؤثر عليه.
ألحان دمشقية
الشاعر صالح جودت، في ديوانه “ألحان مصرية”، يستحضر ذكريات زيارته لدمشق عام 1966 ويصف مشاعره المتأججة:
“هنا دمشق وما أحلاه من نغم
أنشودة في فمي، أم نشوة بدمي
دمشق يا معبد الأشواق في حلمي
يا كعبة الروح بعد القدس والحرم…”
يبرز جودت عظمة المدينة وأهميتها في قلب الأمة العربية، معبّرًا عن الوحدة والحنين الذي تشكله هذه المدينة في نفوس عشاقها.
مشاعر جودت تجاه ليلى
في برقية بعثها جودت إلى “ليلى أمية” عام 1964 أثناء طيرانه فوق دمشق، يصف شعوره بالانفصال والحزن:
“بلغوها إذا بلغتم حماها
أنني المستهام رغم جفاها…”
في هذه الأبيات، يتجلى شوقه ورغبته في الارتباط بدمشق رغم الفراق.
عتاب نزار قباني
أما الشاعر الكبير نزار قباني، فقد ألقى قصيدة عاتبة في مهرجان الشعر العربي بدمشق عام 1971، تعكس مشاعر الحزن والأسى:
“يا شام أين هما عينا معاوية
وأين من زاحموا بالمنكب الشهبا…”
تشير قصيدته إلى الأثر الذي أحدثته النكسة والمشاكل التي تعاني منها العروبة. يظهر نزار تأثّره بسبب ما حدث لدمشق، ويطرح سؤالًا معبرًا عن الألم: “أشكو العروبة أم أشكو لكِ العربا؟”.
خاتمة
تبقى دمشق رمزًا للشموخ والعزة، حيث احتضنت العديد من الشخصيات الأدبية والعلمية. سلاما يا دمشق، ستبقين دائمًا نجمة الشام وباب الأقصى الشريف، رمز العروبة.
المراجع
- صالح جودت: ألحان مصرية، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة.
- صقر القاسمي: الأعمال الشعرية الكاملة، الجزء الأول، القاهرة، 1982م.
- نزار قباني: الأعمال السياسية، منشورات نزار قباني، بيروت.
- التاريخ الكبير: ابن عساكر، مطبعة روضة الشام.