الأمهات النازحات في دارفور وروايات الأمل في عيد الفطر | سياسة

Photo of author

By العربية الآن

مدينة الفاشر- تحت ظروفهن الصعبة، لا تتمنى فاطمة أبكر شراء فستان جديد، أو دمية، أو حتى قلادة ملونة لتزيين عنق طفلتها خلال عيد الفطر. بل تكمن أمنيتها الكبرى في توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالها الستة من الماء والغذاء لكي يرون رضاهم.

في حديثها لشبكة الجزيرة الإلكترونية، شاركت فاطمة (35 عاما) قصتها الصعبة قائلة “هذه هي الواقعية التي نعيشها هنا، ليس لدينا وقت لحلم بأشياء تافهة كالفساتين الجديدة أو تزيين أبناءنا في عيد الفطر. كل مانحتاجه هو الطعام والماء لنبقى على قيد الحياة في ظل هذه الظروف الصعبة”.

وأضافت: “على الرغم من قسوة الحياة، نحن نسعى لجلب الفرح إلى قلوب أطفالنا بكلمة حسنة، لكنني غير قادرة على توفير الثياب والهدايا”.

تتشارك فاطمة أمنيتها مع أكثر من 500 امرأة ورجل يعيشون في إحدى مراكز إيواء النازحين في مدينة الفاشر، وهي إحدى مدن إقليم دارفور في غرب السودان، حيث يواجه هؤلاء الأشخاص ظروفا إنسانية صعبة ومعقدة للغاية بسبب النزوح بسبب الحرب الدائرة حاليا في البلاد وشح الموارد في المجتمعات المحيطة بهم.

يشهد إقليم دارفور ومناطق أخرى في السودان نزاعًا مسلحًا عنيفًا منذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي، مما أدى إلى مصرع وإصابة العديد من الأشخاص وفرار الملايين إلى بعض المناطق والدول المجاورة. حيث يعيش هؤلاء -بما في ذلك الأمهات النازحات- ظروفًا صعبة وتحديات كبيرة، وعلى الرغم من ذلك، يبذلون قصارى جهدهم للبقاء على قيد الحياة وتوفير الفرح لأطفالهم.

أسواق مدينة الفاشر تعكس حركة السوق:
أسواق مدينة الفاشر تعكس حيوية السوق قبل العيد (الجزيرة)

إرادة لنعيش الفرح

عيد الفطر هذا العام، يأتي في ظل ظروف صعبة مليئة بالتحديات تواجهها سكان دارفور بسبب استمرار الحرب. لكن، تبرز إرادة قوية وعزيمة صلبة لدى العديد من الأسر والأفراد لإحداث فرحة في أعيادهم، حيث تزدحم الأسواق بالمواطنين وتتزين بكل أنواع السلع والمنتجات، فيحتفل الناس بشراء متطلبات العيد والهدايا لأبنائهم.

التقت الجزيرة الإلكترونية بالنازحة (أم التيمان آدم) في إحدى أسواق مدينة الفاشر، وقالت “يجب على الناس التكيف مع ظروف الحرب وجعل الأمل سائدًا في قلوبهم ومحاولة إسعاد أولادهم خلال العيد”.

وأضافت “هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا فعلها لجعل العيد خاصًا لأولادنا حتى في ظل هذه الظروف الصعبة. نستطيع تأمين طعام شهي وإعداد وجبات خاصة للاحتفال بالعيد، وبالإمكان أيضًا تزيين المنازل وإضاءتها بأضواء ملونة، وتعليق الديكورات المحببة للأطفال”.

وأوضحت “أعظم هدية يمكننا تقديمها لأطفالنا في العيد هي الحب والرعاية العاطفية. لنمتزج اللطف والابتسامة معهم، فهذه الأمور لا تقدر بالمال، بل تحمل معاني كثيرة بالنسبة لهم”.

وقالت الصغيرة ليلى صالح (14 عامًا) -التي تقيم في إحدى مراكز الإيواء بمدينة الفاشر- لشبكة الجزيرة الإلكترونية عن حلمها، وأضافت: “أتمنى أن أستيقظ في صباح العيد وأرتدي ثوبًا جديدًا، وأشارك صديقاتي في جولة مثيرة مليئة بالفرح والحماس”.

وتابعت “أتمنى أيضًا أن يكون العيد خاليًا من العنف والاعتداءات، وفرصة للتبادل الهدايا مع الأطفال الآخرين. أود أن أرى البسمة على وجوه الأصدقاء عندما يرتدون أفخم الملابس ويحتفلون بالعيد”.

<إساءة تحميل="سريع" فئة="صورة-وجه-شخصي" مصدر="http://44.204.42.161/wp-content/uploads/2024/04/1712405532_566_الأمهات-النازحات-بدارفور-وحكايات-الأمل-في-عيد-الفطر-سياسة.jpeg" صحيح="صور شخصية خاصة بمستشارة المرأة بحكومة شمال دارفور أميمة آدم أحمد يوسف" data-recalc-dims="1"/><تسمية-التوضيح="" id="caption-attachment-6425708" نص="أميمة آدم تعجب بتأثير النساء النازحات على الحفاظ على علاقات أسرهن (الجزيرة)" >

دعوة لتمكين النساء

توضح مستشارة الإناث في شمال دارفور، أميمة آدم، لـ الجزيرة نت أن عيد الفطر هذا العام يحمل معانٍ خاصة للأمهات النازحات في دارفور.

أكدت أنه “على الرغم من الظروف القاسية في الحرب التي يواجهنها الأمهات، إلا أنهن يبذلن قصارى جهدهن لإدخال البهجة على أطفالهن”، حيث أوضحت أن الصمود والتضحية التي تظهرها الأمهات النازحات في دارفور في هذه الأيام تعكس قوتهن وإرادتهن في توفير البهجة لأطفالهن وحفظ الروح المجتمعية والأسرية.

وأعربت المستشارة عن إعجابها وتقديرها بالأمهات اللواتي يبذلن قصارى جهدهن لتوفير بعض البهجة لأطفالهن، مشيرةً إلى أنه رغم استمرار الحرب ومعاناة المرأة في دارفور، فإنهن يسعين لإسعاد الأطفال من خلال شراء الهدايا البسيطة، مما يعكس رغبتهن في جلب الفرح لقلوبهن”، وشددت على أهمية تمكين الإناث ومساعدتهن في مختلف المجالات.

ووفقًا للخبير الاجتماعي الدكتور محمد حامد، فإن الحرب قد أحدثت تغيرات كبيرة في حياة المرأة في دارفور.

وأشار حامد إلى أهمية دعم الأمهات النازحات وتوفير فرص تدريب مناسبة لهن، بالإضافة إلى تمكينهن من تلبية احتياجات عائلاتهن وتحسين ظروفهن المعيشية.

ولفت إلى أهمية توفير فرص التعليم للأمهات من أجل اكتساب المعرفة والمهارات الضرورية، وأوضح “يجب أن تكون هناك فرص للتعبير عن احتياجاتهن من خلال وسائل الإعلام ومنتديات أخرى، وأن يتم استماع إلى أصواتهن في صناعة القرارات التي تؤثر على حياتهن وتسليط الضوء على معاناتهن، بما في ذلك التشرد وفقدان الأمان وفقدان الروابط الأسرية وتدهور الظروف المعيشية”.

وأشار الناشط محمد آدم إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمهات النازحات في دارفور، من نقص المياه والغذاء والرعاية الصحية والتعليم، وتأثير ذلك على حياة أطفالهن، معتبرًا للجزيرة نت “أن ذلك يجعل من الصعب على الأمهات تلبية احتياجاتهن الأساسية وتأمين حياة كريمة لأطفالهن”.

وأشار إلى الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية، قائلاً: “إنه لا يزال هناك احتياج ملح لزيادة الجهود والدعم لمعالجة هذه التحديات، وتحقيق تحسينات حقيقية في حياة الأمهات النازحات وأطفالهن في دارفور”.

[إعلان_2]

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.