وفي إطار التركيز الذي يبديه المعرض على التبادل وليس الصراع، لا يُذكر إلا القليلُ عن الوسائل العنيفة التي انتشرت بها بعض الأفكار عبر القارة الأوراسية، من توسع الإسلام، إلى ترسيخ أوروبا المسيحية. بل ينصب التركيز بدلاً من ذلك على الطريقة التي تدفقت بها الثقافة الإسلامية عبر طرق الحرير: التصاميم الهندسية التي فضَّلها الفنانون الإسلاميون، إلى جانب الجبر، وعلم الفلك، واللغة العربية… وهذا الأخير موجود على طبق تقديم معروض هنا، يحمل البركات والحث على تناول الطعام.
عند الوصول إلى المرحلة الأخيرة من رحلتنا، نمر عبر الإمبراطورية البيزنطية وإيطاليا القوطية الشرقية، حتى نصل إلى دير في شمال إنجلترا البارد. نجد نعشاً مصنوعاً من عظم الحوت، يعكس تصميمه العالم المترابط بشكل وثيق الذي تسعى طرق الحرير إلى الكشف عنه. تُظهر إحدى اللوحات رومولوس وريموس، المؤسسين الأسطوريين لروما. تُظهر لوحة أخرى جيشاً رومانياً يهاجم القدس في عام 70 بعد الميلاد. على لوحة ثالثة، نواجه قصة شمال أوروبا عن ويلاند سميث. يشير نقش النعش إلى رحلات تجري إلى أبعد من ذلك غرباً، أو ربما شمالاً، إلى البحر، لإحياء ذكرى الحوت الذي صُنع من جسده هذا العمل الفني الاستثنائي.
من الممكن، بالطبع، أن نبالغ في إبراز فكرة جذابة آيديولوجياً عن عالم مترابط يمتد إلى الماضي البعيد. فبالنسبة لمعظم اليابانيين في تلك الفترة الطويلة، كانت الصين تمثل إلى حد كبير حدود آفاقهم. كما أن قصة القارة الأوراسية هي قصة الفرص الضائعة، وربما كانت أشهرها الطريقة التي مرّت بها الإمبراطوريتان الصينية والرومانية، في العصر الذي سبق مباشرة العصر الذي يغطيه هذا المعرض، وكأنهما كانتا تمران بجانب بعضهما البعض مثل السفن في الليل. كانت روما والهند تتبادلان السلع والأفكار، ولكن الرومان لم يكن لديهم سوى إحساس خافت بـ«ثينا» البعيدة، وعلى نحو مماثل، كان الصينيون يشعرون بمنطقة في أقصى الغرب أطلقوا عليها اسم «داكين» – (الصين العظيمة).
ومع ذلك، فإن رومانسية هذه الرحلة تجذبك حقاً، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى مفهوم المعرض الذي يقدِّر الجودة والشعور بالمساحة، بدلاً من تعبئة الأشياء، أو تحميل الزوار بالسياق مثل الإبل ذات السنامين مع رزم من الحرير.
رابط المصدر