تطور سياسة إيران تجاه سوريا: ترقب وخطوط حمراء
تطرح عدة تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات في ضوء عدة عوامل حاسمة، ومنها المواقف المتبادلة تجاه القضايا الأمنية والسياسية، والحدود الحمراء التي تحددها إيران فيما يخص الوضع السوري، ودورها في دعم “محور المقاومة”، بالإضافة إلى استثماراتها الاقتصادية في سوريا.
إبقاء العلاقة
في الوقت الحالي، ليس من السهل التنبؤ بمستقبل العلاقات الإيرانية السورية بدقة، وفقًا لأستاذ اقتصاد التنمية في جامعة بيرمنغهام، مرتضى أفقه، الذي أشار إلى أن هذه العلاقة ستعتمد على مواقف النظام الجديد في سوريا تجاه إسرائيل وكذلك تجاه إيران، خاصة بالنظر إلى تاريخ الصراع العسكري بين إيران وفصائل المعارضة.
من جانبه، يرى الباحث السياسي مهدي عزيزي أن مصير سوريا سيقرره الشعب نفسه، ومن المتوقع أن تتم تشكيل حكومة جديدة بناءً على الانتخابات. وأكد أن الحكومة السورية الجديدة لم تؤثر على أمن إيران أو الأمن الإقليمي، وأن طهران تعتبر سوريا جزءًا محوريًا من محور المقاومة.
ورغم هذه الآراء، يجد عزيزي أن مستقبل سوريا مازال غير واضح المعالم بسبب تركيبة السكان والخلافات بين الفصائل المسلحة، بالإضافة إلى التدخلات الخارجية. وتوقع أن يستمر الوضع غير المستقر إلى حين استقرار الأوضاع في سوريا.
تحدد عزيزي حالة واحدة قد تمنع طهران من التعاون مع الحكومة السورية الجديدة، وهي إذا اعتبرت الحكومة إيران عدوًا لها.
أما محمد صالح صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، فأكد أن إيران مستعدة للحفاظ على علاقات إيجابية مع النظام الجديد في حال كان هذا النظام مستعداً لذلك. و أشار إلى أن معالم هذا النظام ما زالت غير واضحة، مما سيصعب عملية تحديد طبيعة العلاقات.
ومع ذلك، لا تزال الصورة الشاملة للنظام الجديد غامضة، ويترقب الجميع وضوح المشهد لاتخاذ القرارات المتعلقة بالعلاقات المستقبلية.
بدوره، أشار أستاذ العلاقات الدولية عباس أصلاني إلى أن العديد من المسؤولين الإيرانيين أعلنوا دعمهم لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، مؤكدًا أن أي تفكك أو حالة عدم استقرار في سوريا ستكون لها تداعيات سلبية على المنطقة بأسرها.
إيران وإسرائيل
فيما يتعلق بموقف إيران من الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، اعتبر عزيزي هذه الهجمات انتهاكًا للسيادة السورية. بينما ذكر أصلاني أن إيران تتطلع لحماية الحكومة الجديدة في سوريا وتدعو المجتمع الدولي إلى وقف الهجمات الإسرائيلية التي تعدها وسيلة لزعزعة الاستقرار.
ويعتقد أصلاني أن إيران تدرك أن “سوريا الضعيفة” هي ما تسعى إليه إسرائيل، إذ تخشى تل أبيب من انتقال الأسلحة المتقدمة إلى الحكومة السورية الجديدة، وهو ما تعتبره تهديدًا لها.
حدد عزيزي خطوط إيران الحمراء تجاه النظام الجديد بعدم انتهاك المقدسات الدينية الشيعية وكذلك المس بأمن المنطقة والإقليم، وخاصة العراق.
ملف الاقتصاد
يسلط بيمان مولوي، أستاذ المحاسبة والاقتصاد المالي ومؤسس معهد مولو الإيراني، الضوء على استراتيجية إيران الاقتصادية في علاقاتها مع الدول الحليفة. يرى مولوي أن طهران تستثمر في تلك الدول بهدف تعزيز قوتها السياسية، مشدداً على أنه عند اتخاذ أي قرار اقتصادي، يُفترض أن تخسر إيران خيارات أخرى.
رصد التوجهات الاقتصادية في سوريا
أوضح مولوي في تصريحات له أن إيران تراقب الاتجاهات الاقتصادية في سوريا، مع الأخذ بعين الاعتبار التكلفة والفرص الاستثمارية. وأشار إلى أن سوريا ترحب بأي استثمار يعزز إعادة إعمارها.
دور سوريا في “حرب الممرات”
قال مولوي إن سوريا يمكن أن تلعب دوراً محورياً في ما يعرف بـ”حرب الممرات”، التي تتجلى كصراع اقتصادي رئيسي بين الولايات المتحدة والصين في المستقبل. ويشير إلى أن المخاطر التي تضيِّق الممرات في الشرق الأوسط قد دفعت دول مثل الصين والهند إلى البحث عن بدائل أقل عرضة للمخاطر. في هذا السياق، تصبح سوريا مهمة لجميع هذه القوى (الهند والصين، والولايات المتحدة وأوروبا).