خبير نفسي: ضحايا سجون الأسد قد يحملون معهم قوقعة من الخوف والاكتئاب ترافقهم دائما
مع فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، استطاعت المعارضة المسلحة تحرير آلاف المعتقلين من سجون النظام السوري. وقد ظهر العديد منهم في فيديوهات في حالة صدمة، بينما فقد بعضهم الذاكرة وأصبح آخرون عاجزين عن النطق.
تثير هذه الأحداث تساؤلات حول الأمراض النفسية المحتملة التي قد تصيب ضحايا سجون الأسد، وأنواع العلاج النفسي اللازم لهم، فضلاً عن مدة العلاج المطلوبة، وإمكانية التعافي من الصدمات النفسية التي مروا بها.
تقدّر الأمم المتحدة مع منظمات حقوقية دولية عدد المغيبين قسريا في سوريا بأكثر من 130 ألف معتقل، ولا يزال مصير عدد كبير منهم مجهولا، سواء أحياء أم أموات. بينما تؤكد منظمات محلية وجود نحو 300 ألف معتقل، توفي عدد كبير منهم تحت التعذيب.
منذ عام 2011، أخفت السلطات السورية عشرات الآلاف من معارضيها في حملة تعتبر جرائم ضد الإنسانية، حسب منظمة العفو الدولية. وقد أفادت منظمات دولية أخرى بمعلومات موثوقة حول دور أجهزة المخابرات السورية ومختلف التكوينات الأمنية، بما في ذلك الشرطة العسكرية، والطواقم الطبية في المشافي، في إخفاء المعتقلين وتصفيتهم جسدياً.
قدّمت منظمة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا تقارير عن عمليات التصفية والإخفاء القسري، ووصفتها بأنها سياسة ممنهجة مدعومة من أجهزة أمنية ومؤسسات قضائية لتغطية آثار الجرائم ومنع التحقيقات.
قال الدكتور وليد سرحان، مستشار أول في الطب النفسي، إنه يجب أن تكون هناك خطة نفسية واضحة للتعامل مع المحررين من السجون في سوريا بعد نجاح الثورة.
في السياق ذاته، أشار الدكتور علاء الفروخ، رئيس جمعية الأطباء النفسيين الأردنية، إلى أن العلاج قد يستمر لأشهر أو حتى لسنوات في بعض الحالات.
كما أوضح الدكتور عامر الغضبان، الأخصائي النفسي والمرشد الأسري، أن ما حدث مع سجناء نظام الأسد يعدّ سابقة تاريخية، مما يجعل الدراسات السابقة غير قابلة للتطبيق على حالتهم.
ما حدث في سجون الأسد غير مسبوق
وأشار الغضبان خلال حوار خاص مع الجزيرة صحة، إلى أن ما يكتب عن حالات السجناء لا ينطبق بالضرورة على من كانوا في سجون الأسد، مما يستدعي دراسة جديدة لوضعهم الفريد.
### تأثير ظروف الاعتقال على الصحة النفسية
أوضح الدكتور الغضبان أن الظروف التي تمر بها فئة المعتقلين تتسم بالحرمان والاستهداف، مما يجعل الاضطرابات النفسية الناتجة أكثر حدة. ومع ذلك، أشار إلى أن بعض الأفراد قد يظهرون قدرة على المقاومة، مما يساعدهم على التكيف مع ظروف الاعتقال.
#### تأثير الاعتقال والصدمة
تحدث الغضبان عن مشاعر وآلام المعتقلين، مشيراً إلى أنهم غالباً ما يتعرضون لصدمات متعددة بدءاً من الحرب والاعتقال، والتي تستمر لفترات طويلة. وعند release المعتقلين، يواجهون صدمات جديدة، مثل العودة إلى المجتمع، مما يزيد من تحدياتهم النفسية.
#### القوقعة النفسية
تناول الدكتور الغضبان مفهوم “القوقعة” المستوحاة من رواية تحمل نفس الاسم، قاصداً أن العديد من المحررين يعانون من شعور دائم بالخوف والاكتئاب، يشبه القوقع الذي يبقى ضمن غلافه. وأضاف أنه رغم وجود بعض الأفراد القادرين على التحرر من هذه القوقعة، إلا أن هذه الظاهرة تتطلب الاهتمام المناسب.
### الرعاية النفسية المطلوبة
أشار الغضبان إلى ضرورة توفر رعاية طبية ونفسية متخصصة للمعتقلين المحررين، حيث يجب على المجتمع أن يدرك أهمية الدعم النفسي والاجتماعي. وأكد أن العلاج والمساعدة ضروريان لضمان تعافي الفرد والمجتمع ككل.
#### أهمية التنسيق والتواصل
في حديثه، سلط الغضبان الضوء على أهمية الاستراتيجيات التنسيقية بين المؤسسات الصحية والمجتمعية، من أجل متابعة حالة المريض بعد خروجه من المستشفى، حتى يتلقى الدعم اللازم من الأهل والأصدقاء.
### الإفراج عن المعتقلين وأثره
استبشر السوريون بفارغ الصبر عند تحرير المعتقلين من سجون حلب وحماة وحمص وعدرا، غير أن الفرحة الكبرى كانت عند الإفراج عن معتقلي سجن صيدنايا المعروف بـ “المسلخ البشري”، والذي يشتهر بمعاناته عبر عمليات تعذيب وإنهاك للمعتقلين.
![دكتور غريب الغضبان](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1734575968_855_خبير-نفسي-ضحايا-سجون-الأسد-يحملون-قوقعة-خوف-واكتئاب-دائمة.jpg)
### الأمراض النفسية الأكثر شيوعًا
سألنا الدكتور علاء الفروخ، رئيس جمعية الأطباء النفسيين الأردنية، عن أبرز المشاكل النفسية التي يعاني منها المعتقلون السابقون. فأكد أن العديد منهم يتعرضون لاضطراب كرب ما بعد الصدمة، مما يؤدي إلى مستويات عالية من القلق والتوتر.
#### مخاطر الصحة النفسية
أشار الفروخ إلى أن المشاكل النفسية ليست محصورة فقط في قلة النوم أو المزاج السيئ، بل تتعدى ذلك إلى مشاكل عميقة تتطلب تدخلات متخصصة.
في الختام، يجب أن يكون لدينا وعي أكبر بضرورة تقديم العون والمساعدة للمعتقلين المحررين لضمان تعافيهم وإعادة اندماجهم بنجاح في مجتمعهم.
# آثار التعذيب النفسي على المعتقلين في سجون الأسديتذكر المعتقلون لحظات التعذيب المعاناة وكأنها تحدث الآن، مما يترك لديهم شعوراً دائماً بالترقب. تظل حواسهم متيقظة، ويتكرر تذكرهم للمواقف الصادمة بشكل يؤثر على قدرتهم على النوم والتواصل مع الآخرين.
## الصدمات النفسية والتأثيرات الدائمة
يشرح الدكتور علي الفروخ أن المعتقلين المحررين يعانون من اضطرابات مثل القلق العام والاكتئاب، وفي بعض الحالات يمكن أن يصل الأمر إلى اضطرابات ذهانية. تحدث هذه الاضطرابات عندما يشعر الشخص بأنه منفصل عن واقعه، أو يتوهم وجود أشخاص يتابعونه أو يهددونه.
ومن الآثار النفسية الأخرى التي تظهر على الضحايا، صعوبة التواصل الاجتماعي والشعور بالانفصال عن المحيط، مما يجعلهم يتجنبون أي شيء يمثل لهم تذكيراً بتجاربهم المريرة. كما يمكن أن يؤثر مجرد رؤية مكان يشبه السجن، أو ملاقات شخص ذو زي عسكري، على نفسيتهم بشكل كبير.
## الأرقام والاحتمالات
عند سؤاله عن نسبة الذين سيعانون من مشاكل نفسية بين المعتقلين، قال الفروخ إن الغالبية تعرضت لتعذيب شديد في السجون. وتوقع أن يحتاج معظمهم إلى تقييم نفسي دقيق.
وأضاف أن العلاج يعتمد على نوع الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأفراد، حيث يختلف هذا من شخص إلى آخر.
## فقدان الذاكرة واستعادة القدرة على التواصل
سألنا الفروخ عن إمكانية استعادة الذين فقدوا الذاكرة أو القدرة على النطق. فأوضح أن هذا ينجم عن الوسائل الدفاعية النفسية المستخدمة لحماية النفس من الانهيار نتيجة التعذيب. وأكد أن مدة العلاج قد تمتد لعدة أشهر أو حتى سنوات، مع وجود أمل في الشفاء بفضل تقنيات العلاج النفسي المختلفة.
## تجارب مؤلمة في سجن صيدنايا
بعد سقوط نظام الأسد، توجه الأهالي للبحث عن ذويهم في سجن صيدنايا، وفوجئوا بوجود “مكبس آلي” يُستخدم للتخلص من جثث المعتقلين بعد الإعدام. أثارت هذه المشاهد صدمة وغضب كبيرين، حيث تسببت في حالة من الذهول لدى كل من شاهدها.
## العزلة وتأثيرها على الصحة النفسية
يقول الدكتور وليد سرحان إن العزلة الطويلة في ظروف قاسية تؤدي إلى فقدان التواصل والإدراك بالواقع، مما يتطلب وقتًا للتعافي. ويؤكد على أهمية تقييم كل حالة بشكل فردي، إذ يصعب تقديم علاج موحد للجميع.
ويختتم سرحان بالإشارة إلى الحاجة للتعاون بين جميع المختصين في مجال الصحة النفسية لمساعدة الذين أُفرج عنهم من السجون السورية، حيث إن هذا العمل يتطلب خبرة ودراية دقيقة.