عانت العالم في عام 2024 من صراعات متعددة، خاصةً بعد الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في العام السابق، والتي تركت غزة في حالة من الفوضى، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف. كما امتدت الصراعات إلى لبنان ويرتبط ذلك بتوترات بين إسرائيل وحزب الله قبل انتهاء العام. ومن جهة أخرى، لا يزال الصراع الروسي الأوكراني، الذي بدأ مع غزو روسيا في أوائل عام 2022، مستمرًا ومتغيرًا، متسببًا بمزيد من الخسائر.
في ختام العام 2024، استطلعنا آراء صحفيين من وكالة الأسوشيتد برس، وهما جوزيف فدرمان من القدس، وسامية كلاب من كييف، حول تجربتهما خلال العام. إليكم ما قالاه:
جوزيف فدرمان، مدير الأخبار، إسرائيل/الأراضي الفلسطينية/الأردن
تداعيات الصراع الإقليمي
تشهد المنطقة تحولات ملحوظة، حيث تنقسم إلى كتلتين: الكتلة الإيرانية وحلفاؤها، والبلدان العربية المؤيدة للغرب وإسرائيل. تشمل حلفاء إيران حماس، وحزب الله، والحوثيين في اليمن، ونظام الأسد في سوريا. أدت أحداث 7 أكتوبر إلى حدوث سلسلة من ردود الفعل عبر المنطقة، مما أدى إلى تدهور كتلة إيران بشكل ملحوظ. كان من المتوقع أن تقوم حماس بمناشدة الدول العربية للانتفاض ضد إسرائيل، ولكن حزب الله هو الوحيد الذي استجاب لسياستها. خلال هذا العام، قامت إسرائيل بتفكيك قدرات حماس بشكل كبير، ولم تعد تمثل تهديدًا كباقي الفترات السابقة، ويبدو أن هذا التدهور لن يتكرر.
تأثير الصراع على حزب الله
لقد لعبت إسرائيل دورًا كبيرًا في بناء صورة حزب الله كخطر داهم، وكان هناك قلق كبير من فتح جبهة ثانية ضدهم. ومع تصاعد الأمور إلى حرب شاملة الصيف الماضي، دخلت إسرائيل بشكل أكبر إلى لبنان، مما أدى إلى تعزيز الضغط على حزب الله، حيث تم اغتيال حسن نصر الله الزعيم البارز للحزب، الذي أمضى 30 عامًا في قيادته. بالإضافة إلى ذلك، تعرض الكثير من قادة الحزب للقتل، بينما أحدثت الانفجارات المؤقتة حالة من الذعر في صفوفهم.
سوريا ودورها في الصراع
هناك ارتباط واضح بين ما حدث وتداعياته. فقد أدت الضغوطات على حلفاء إيران في سوريا إلى تحول حاسم في الصراع، حيث رأى المتمردون السوريون موطئ قدم لهم واستغلوا ذلك لإعادة التمركز. وسرعان ما كانت هذه التطورات تؤدي إلى الإطاحة بنظام الأسد، مما أثر على عمليات الدعم اللوجستي لحزب الله، والذي لم يعد لديه إمكانية الوصول إلى الأسلحة عبر سوريا، مما يقلل من تهديده لإسرائيل.
مستقبل غزة في 2025
تشير الدلائل إلى أن الحرب تقترب من نهايتها، ولكن حتى وإن انتهت، من الصعب تصور استثمارات كبيرة وذلك بالنظر إلى تاريخ الصراعات هنا. هناك ضرورة لإعادة التفكير في كيفية إعادة تشكيل الوضع الحالي، إذ يتطلب الأمر شخصيات موثوقة قادرة على فرض السلام. وإذا استمرت حماس في عرقلة هذه الجهود، فلن تكون هناك استدامة للمشاريع المستقبلية.
الصدمة والآثار الناتجة عن الصراع
مع نهاية هذا الصراع، من الواضح أنه لن تكون هناك نهاية سعيدة للجميع. العديد من الرهائن لن يعودوا على قيد الحياة، والضحايا من 7 أكتوبر يتزايدون، بالإضافة إلى مقتل مئات الجنود الإسرائيليين. ويعاني السكان في غزة من تداعيات الحرب، حيث دُمّرت البنية التحتية بشكل متواصل، مما سيستغرق عقودًا لإعادة الإعمار. ومن غير الواضح من سيتولى حكم غزة أو يمول إعادة بناءها، عدا عن المعاناة النفسية التي عاشها السكان. حقيقة أن 90% من الأراضي أصبحت مخ displaced، مع وجود جيل كامل من الأطفال يفوت سنتين دراسيتين، تجعل القلق من المستقبل ينمو.
سامية كلاب، مراسلة، أوكرانيا
وضع الحرب في أوكرانيا
الوضع في أوكرانيا يبدو معقدًا أكثر مما كان عليه في عام 2022، حيث كان هناك آمال كبيرة بالنصر والتقدم. لكن الآن، تتجلى الحقيقة المرة بأن أوكرانيا تعاني من عجز كبير. أصف الوضع بأنه نزيف بطيء.
الدعم الخارجي
يعتمد مصير أوكرانيا بشكل كبير على الدعم العسكري الذي ستحصل عليه من حلفائها، ولكن هذا الدعم كان متأخرًا، مما أثر على تنفيذ الخطط العسكرية. هناك حاجة ملحة لتقييم فعالية هذه الخطط في ميدان المعركة.
المعنويات بين المقاتلين
يعاني الجنود الأوكرانيون من ضغوط كبيرة للحفاظ على خطوط الدفاع، وأصبح هناك انتقاد علني للقيادة، وهو ما لم يكن متوقعًا في السابق. وهناك أرقام مقلقة عن حالات الهروب، حيث سجّل 100,000 فرار منذ بداية الغزو الشامل، مما يعكس حقيقة الوضع المستدام.
الحياة في خضم الحرب للمدنيين
تأسيسًا على واقع الحرب الذي لا ينتهي، فإن الحياة اليومية باتت معاناة مستمرة ولا يمكن تجنبها. إن المشهد الحزين للسكان، بالتزامن مع العمليات العسكرية، يجعل من الحياة تحديًا كبيرًا للجميع.
في شوارع كييف، يمكن رؤية أشياء جميلة معروضة للبيع، ويبرز لافتة صغيرة تُطلب المساعدة: “يرجى شراء هذه الأشياء اليدوية. أنا أحاول جمع المال لوحدة زوجي العسكرية.” كما توجد صناديق تبرعات في كل مكان. يلفت انتباهي عدد المعاقين الذين أراهم يوميًا. هذا الأمر أصبح أكثر طبيعية في المجتمع، حيث يذاع برنامج تلفزيوني يشبه “العازبة”، حيث يكون البطل معاقًا مزدوج الساق، مما يشير إلى تقبل الناس لهذه الحالة.
### مجريات الحياة في فترة الحرب
بالنسبة للأشخاص الذين لا يشاركون في القتال، تبدو كييف كالفقاعة حيث المطاعم والمقاهي والحانات تعج بالحياة. لكن مع موعد الحظر، تغلق جميع الأماكن بحلول منتصف الليل، وتستمر صافرات الإنذار بسبب احتمالية الهجمات الجوية. فقط اليوم، شهدنا هجومًا كبيرًا تقريبًا بـ 200 طائرة مسيرة و90 صاروخًا، مما جعل الوضع أكثر حدة.
### تطورات المشهد السياسي
قبل عامين، لم يكن الرئيس زيلينسكي ليشير بأي شكل من الأشكال إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار دون استعادة المناطق المحتلة. أما الآن، فقد عبر زيلينسكي عن ضرورة الجمع بين القوة العسكرية والدبلوماسية لاستعادة الأراضي. هذا كان بمثابة إشارة على تغير الأمور. من خلال حديثي مع سكان كييف، يبدو أن الجميع في انتظار ما سيقرره دونالد ترامب، كما تُثار تساؤلات حول رغبة روسيا في الانخراط في أي نوع من المفاوضات في حين أنها تحتفظ بالأفضلية.
### لحظة مؤثرة في 2024
تواصلنا مع امرأة كانت قد اضطرت لمغادرة منزلها مع أطفالها بسبب إصابة ابنتها. لقد كانت بحاجة إلى طبيب مختص، ولم تتمكن من المغادرة مع زوجها لأنه كان قد خدم مع أوكرانيا، مما جعل الروس يعرفون مكانه، وكان تحت الإقامة الجبرية وقد تعرض للتعذيب. عندما سألناها إن كانت موجودة خلال الفيضانات، أجابت بأنها قامت بانتشال الجثث ودفنها بيدها. وصفت تجربة صعبة في نقل الجثث بالقوارب إلى الشاطئ ثم دفنها في المقبرة. من الأمور التي لن أنساها من كلامها، كانت حين قالت: “الأموات لا يخيفونني، الأحياء يخيفونني أكثر.” لم نعد نتواصل معها، وما زلت أفكر في مكانها وما تعانيه، والشجاعة التي تتطلبها مغادرة المنزل والعودة إلى مكان غير آمن.