سقوط الأسد: نهاية مثيرة لنظام قلب موازين القوى

Photo of author

By العربية الآن


سقوط الأسد: نهاية دراماتيكية لنظام تغيّرت حوله موازين القوى

بشار الأسد في عزلة
سقوط نظام بشار الأسد ليس حدثًا عابرًا في سلسلة أزمات المنطقة، بل نقطة تحوّل محتملة في الجغرافيا السياسية (الجزيرة)

بعد 13 عامًا من الحرب الأهلية التي دمرت سوريا وشردت الملايين، جاء سقوط نظام بشار الأسد بصورة غير متوقعة وسريعة. فقد تساقط النظام خلال أيام قليلة ودون مقاومة كبيرة، بعد سلسلة من الانهيارات في مدن تعتبر معاقل رئيسية للسلطة.

كيف استطاعت فصائل المعارضة، خصوصاً هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، السيطرة على مدن استراتيجية مثل حلب وحماة ودرعا والسويداء، وصولاً إلى دمشق؟ ولماذا تراجع الجيش النظامي بهذا الشكل؟ وما الذي حدث خلف الكواليس ليتخلّى حلفاؤه التقليديون، روسيا وإيران، عنه؟

ما لفت الأنظار هو غياب أي رد فعل علني من بشار الأسد بين فقدان النظام لحلب وسقوط دمشق.

مسار السقوط: تقدم سريع وانهيارات متتالية

بدأت الأحداث في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، حين اندلعت اشتباكات قوية في ريف حلب الغربي بين قوات النظام وفصائل المعارضة المنسقة بشكل أكبر. بحلول 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، تمكنت الفصائل من السيطرة على وسط مدينة حلب، بالإضافة إلى إدلب المجاورة.

وفي الخامس من ديسمبر، انهار خط الدفاع في محافظة حماة بشكل مفاجئ، وتبعه انهيار مناطق أخرى، بما في ذلك درعا، حيث انطلقت الفصائل إليها لاستعادة السيطرة على مهد الثورة السورية.

تواصلت الانهيارات لتصل إلى السويداء، المحاطة بالخطر، حيث سقطت بيد المعارضة، ثم دخلت الفصائل العاصمة دمشق، محدثة بذلك نهاية دراماتيكية لحكم الأسد.

سرعة انهيار دفاعات النظام تعكس حالة من الفساد والانقسام الداخلي والتي حذرت منها مصادر متعددة.

غياب الأسد وتدهور قيادة الجيش

إن غياب بشار الأسد عن الساحة السياسية، وصمت قيادييه، انعكس في سلوك الجيش الذي انسحب دون مقاومة. وقد أشارت مصادر في الجيش إلى أن الضباط تلقوا تعليمات بأن “حكم الأسد قد انتهى”، مما يوضح توافقًا ضمنيًا يقف وراء هذا الانهيار السريع.

قدرة الجيش النظامي على الصمود كانت متدهورة، بعد سنوات من الحرب، وبفعل الفساد والانقسامات الداخلية. تصريحات وزير الخارجية الإيراني بأن الأسد “صُدم بحالة جيشه” تعكس استياء إيران من عدم استجابة دمشق لنصائح مستشاريها.

رابط المصدر

# دور روسيا وإيران: لماذا التخلي في اللحظة الحاسمة؟

ظل نظام الأسد قائمًا لوقت طويل نتيجة الدعم الروسي والإيراني، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري. لكن الأحداث الأخيرة كشفت عن تراجع هذين الحليفين، أو على الأقل عن امتناعهما عن تقديم الدعم في الأوقات الحرجة. وتزداد الشكوك عندما تُعلن موسكو عن أن الأسد “تنحى” بعد مفاوضات مع المتمردين، مما يوحي بأن موسكو كانت لها اليد العليا في الترتيبات الحالية.

في نفس السياق، جاءت تصريحات وزير الخارجية الإيراني التي تؤكد أن الأسد “صُدم بحالة جيشه”، مما يُظهر استياء طهران من عدم استجابة دمشق لنصائح المستشارين الإيرانيين في الفترة الأخيرة.

تظل الأسباب الحقيقية وراء هذا الموقف غامضة، لكن المراقبين يشيرون إلى أن روسيا وإيران قد توصلتا إلى قناعة بأن تكاليف الدفاع عن الأسد أصبحت باهظة، وأن التغييرات مع القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا والعواصم الغربية، قد تكون أكثر فائدة.

## المشهد الإقليمي: روسيا وتركيا

في الكواليس، هناك حديث عن مطالب روسية للأسد ضرورة التواصل مع تركيا وتقليل النفوذ الإيراني في سوريا، وهو ما ظل الأسد يرفضه. ربما ساهم هذا الرفض في إقناع موسكو وطهران بالتخلي عن دعمهم لنظامه. هناك أيضًا مؤشرات على أن هناك صفقات أكبر قد تشمل ملفات مثل أوكرانيا أو الملف النووي الإيراني، حيث تعتبر سوريا ورقة تفاوضية مهمة.

## تصرفات الولايات المتحدة ودورها

في الأيام الأخيرة، كانت الولايات المتحدة تلتزم الصمت النسبي، مما أعطى انطباعًا بعدم وجود تدخل مباشر. لكن بعض المراقبين يرون أن واشنطن قدمت ضمانات بعدم السماح بدخول تعزيزات لدعم النظام أو نقل إمدادات من الشرق أو عبر لبنان.

## الدور التركي والأميركي والإسرائيلي: هندسة جديدة للمنطقة

كانت تركيا من الأطراف الفاعلة في الصراع السوري منذ بداياته، حيث سعت لضمان عدم انتشار الجماعات الكردية المسلحة على حدودها. وتشير الأحداث مؤخرًا إلى أن تركيا قد تكون قد تغاضت عن تقدم الفصائل، بل وقد تكون قد شجعته بشكل غير مباشر بتفاهمات مع موسكو، مما سمح للفصائل بالدخول إلى دمشق.

فيما يستعد الإسرائيليون لمرحلة ما بعد الأسد، حيث أظهرت الصحف الإسرائيلية أن هناك اتصالات مع الأكراد في شمال سوريا. وذلك يعني أن تل أبيب تسعى لبناء تحالفات مع أطراف محلية.

## فصائل المعارضة وسيناريوهات الحكم المقبل

برزت هيئة تحرير الشام بقيادة “أبو محمد الجولاني” كقوة محورية خلال هذا الهجوم. وقد حرص الجولاني من خلال مقابلاته على طمأنة الأقليات السورية والدول الغربية، مشيرًا إلى رغبة في تبني رؤية أكثر اعتدالًا.

هذا الانفتاح يعكس وعي قادة المعارضة بأن “الانتصار العسكري” وحده لا يكفي لضمان شرعية دولية، وأنه من الضروري بناء تحالفات أوسع وإيجاد صيغ حكم مستدامة.

ومع ذلك، يبقى التحدي كبيرًا، حيث أن المعارضة ليست كتلة موحدة، بل هي ائتلاف من فصائل متنوعة في أهدافها ورؤاها. وبالتالي، فإن الانتقال من مرحلة القتال إلى بناء نظام سياسي مقبول سيتطلب جهودًا كبيرة وتعاونًا فعّالًا من جميع الأطراف.

## خاتمة

تستمر الدول الغربية في تصنيف بعض الفصائل كمنظمات إرهابية، وقد لا تتقبل الخطاب اللين للجولاني ما لم تُقدم إصلاحات جذرية واعترافات دستورية حقيقية.## تساؤلات حول مستقبل سوريا بعد سقوط النظام

### تساؤلات مبررة حول المرحلة المقبلة

لم يكن سقوط نظام بشار الأسد مجرد حدث عابر في سلسلة الأزمات التي تمر بها المنطقة، بل يمكن اعتباره نقطة تحوّل في الجغرافيا السياسية لبلد محوري. إن تسارع الأحداث، من استعادة مدينة حلب إلى دخول دمشق خلال عشرة أيام، قد يبدو مفاجئاً للشارع، لكنه قد يكون مخططاً له مسبقاً أو على الأقل متماشي مع اتفاقات دولية وإقليمية قد لا تكون قد ظهرت بعد إلى العلن.

### أسئلة مصيرية حول الإدارة المستقبلية

هذه الأحداث تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل سوريا، منها كيفية إدارة المرحلة الانتقالية، ومصير الأقليات، وكيفية التوازن بين مصالح القوى الخارجية. هل سيتحول الانتصار العسكري السريع إلى استقرار سياسي، أم سيكون بداية لصراع جديد حول شكل وهوية النظام القادم؟

### إجماع دولي حول أهمية الانتقال السلمي

في الساعات الأولى بعد سقوط النظام، لا تزال هناك تساؤلات بلا إجابات شافية، لكن يبدو أن هناك شبه إجماع دولي حول ضرورة وجود انتقال سلمي ومنظم. عواصم المنطقة والعالم تراقب هذا المشهد الحاسم بتوجس، وتأمل أن لا يتحول انتصار المعارضة إلى فوضى جديدة، وأن تهيئ هذه المرحلة الطريق لتشكيل نظام حكم أكثر عدلاً وتمثيلاً لكل السوريين بعد عقود طويلة من الاستبداد.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.