وداعًا للقلق.. اكتشف الجانب الخفي لتأثير الاسترخاء
أفاد تقرير من الجمعية الأمريكية لعلم النفس بأن شخصًا من كل ثلاثة يعاني من توتر شديد يوميًا، حيث يعتقد ثلاثة من كل أربعة أن هذا التوتر يؤثر سلبًا على صحتهم الجسدية والنفسية. ومن بينهم، يعاني حوالي نصفهم من مشاكل في النوم، مما يؤثر سلبًا على جوانب حياتهم الشخصية والمهنية. تتماشى هذه النتائج مع ما يحدث في الجسم خلال حالات التوتر والغضب، حيث تُنتج تفاعلات مسيئة تؤثر على الصحة العامة. لكن ماذا يحدث عند اتخاذ قرار الاسترخاء والتحرر من المخاوف؟ هنا تأتي المفاجأة، حيث يستجيب الجسم والعقل بسرعة مع مجموعة من الفوائد الإيجابية بفضل تقنيات الاسترخاء.
كيف يسترخي الجسد؟
في كتابه “فن الاسترخاء”، يروي طبيب القلب المعروف هربرت بنسون قصة امرأة تعاني من حدة التوتر ولديها سجل عائلي مع ارتفاع ضغط الدم. استمرت في تطبيق تقنيات الاسترخاء لقرابة 14 شهرًا، وكانت النتائج مذهلة. تقول: “أحدثت استجابة الاسترخاء تغييرات جذرية في حياتي. لم أعد فقط أكثر استرخاءً جسديًا وعقليًا، بل تغيّر أسلوب حياتي وشخصيتي بشكل كبير. أصبحت أكثر هدوءًا وانفتاحًا على الأفكار التي لم أكن تقبلها سابقًا. أحببت التغيير الذي طرأ على شخصيتي.”
يرى الخبراء أن الجسم يبدأ في الاسترخاء عندما يشعر بالأمان، أي في اللحظة التي يتلاشى فيها الشعور بالخطر والتوتر. وفي هذه الحالة، تقل مستويات الهرمونات المعنية بزيادة ضربات القلب وتضييق حدقة العين وتعطيل عمليات الهضم.
يتولى الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، الذي ينظم وظائف الجسم أثناء الراحة، السيطرة على العمليات الجسدية. وتتوسع حدقة العين، ويقل معدل ضربات القلب، وينخفض ضغط الدم، وتستعيد العمليات الحيوية المعطلة بسبب التوتر، مثل الهضم، طبيعتها. كما تسترخي العضلات، مما يقلل من الإحساس بالألم، حيث إن العضلات المشدودة أكثر عرضة للإصابة بالألم. تُسهم هذه الحالة من الراحة في تحسين جودة النوم وتعزيز الشعور بالراحة العميقة.
تشير الأبحاث إلى أن الاسترخاء يحفز الدماغ على إفراز الإندورفين، وهي مواد كيميائية طبيعية تعمل كمسكنات للألم. يساعد هذا التأثير في تخفيف الآلام المرتبطة بحالات عديدة، مثل الألم العضلي الليفي، والصداع النصفي، وآلام الحوض المزمنة، ومتلازمة القولون العصبي، بالإضافة إلى العديد من الحالات الصحية الأخرى التي تسبب الألم.
أبرز تقنيات الاسترخاء
…
تشير الأبحاث إلى وجود عدة طرق للتدريب على الاسترخاء، التي تلعب دوراً مهماً في تقليل التوتر وتعزيز الصحة النفسية. تُبرز سوزان بلاكمور في كتابها “الوعي: مقدمة قصيرة جداً” كيف أن الجلوس في هدوء والاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يساعدا الجسم على الوصول إلى حالة من الاسترخاء مماثلة لتلك التي تحدث أثناء التأمل. كثير من الأشخاص قد يشعرون بنفس الحالة خلال الأنشطة اليومية البسيطة مثل غسل الأواني، الطهي، الصلاة، أو العناية بالنباتات. علاوة على ذلك، هناك تقنيات معينة من شأنها تسهيل الوصول إلى مستويات أعمق من الاسترخاء.
### تقنية بنسون
ابتكرها **جون بنسون** في السبعينيات في كلية الطب بجامعة هارفارد، وتهدف إلى تقليل الإجهاد. تعتمد هذه التقنية على الجلوس في وضع مريح، إغماض العينين، وإرخاء العضلات بشكل تدريجي من القدمين إلى الرأس. يُنصح بالتنفس من الأنف مع التركيز على الأنفاس، ثم الاستمرار على هذه الحالة لمدة 20 دقيقة يليها الجلوس في هدوء لدقائق إضافية.
### التصور العقلي (التخيل)
تُمكّن هذه التقنية الأفراد من خلق تصورات ذهنية لأماكن هادئة أو للمشاعر الإيجابية. قد تشمل هذه التصورات أماكن طبيعية، روائح مريحة، أو مواقف ممتعة، مما يعزز التفكير الإيجابي وبناء الثقة بالنفس، كما يُساعد في التحكم في الانفعالات والتغلب على الأفكار السلبية.
### استرخاء العضلات التدريجي
تركز هذه الطريقة على التعرف على الفرق بين حالات التوتر والاسترخاء، وتعزيز الوعي بالجسد. تتطلب التقنية التركيز على شد كل مجموعة عضلية على حدة والإفراج عنها بشكل تدريجي.
### التدليك العلاجي
يُقدم من قبل متخصصين مُدربين، حيث يُساعد هذا النوع من التدليك على تخفيف توتر العضلات، تقليل الألم، والتخفيف من التعب والإجهاد.
### تمارين التنفس العميق
تعتبر هذه التمارين وسيلة فعالة لتهدئة النفس وتعزيز الاسترخاء. حيث تساهم في تحسين قدرة الجسم على التعامل مع الضغط والإجهاد.
من خلال تلك الأساليب، يمكن للأفراد تحقيق مستويات أعلى من الاسترخاء وتحسين نوعية حياتهم.## تقنيات الاسترخاء ودورها في تحسين الصحة النفسية
### أهمية استراتيجيات التنفس
تتعدد الأساليب المستخدمة في تقنيات الاسترخاء، بما في ذلك أساليب مثل التنفس المعدود والتنفس الحجابي، والتي تهدف إلى تهدئة العقل والجسد من خلال تنظيم عملية التنفس.
### الاسترخاء باستخدام الواقع الافتراضي
تتضمن هذه الطريقة مشاهدة مناظر طبيعية مثل الغابات والبحيرات، مع الاستماع إلى مقاطع صوتية مريحة. وقد أظهرت الدراسات أن هذه الطريقة فعالة في تقليل التوتر، خاصة لدى الأفراد الذين يعانون من القلق أو مشكلات الصحة العقلية.
### التفكير فيما وراء المعرفة (ميتاكوجنيشن)
يشير هذا المفهوم إلى متابعة العمليات العقلية مثل التذكر والتخزين والاسترجاع، والتحكم فيها بشكل ذاتي. وتبين الأبحاث أن وعي الشخص بتلك العمليات يؤدي إلى تحسين قدرته على حل المشكلات، واتخاذ القرارات حيث يساعد في الحفاظ على التوازن النفسي ومواجهة التحديات.
### خلاصة
تعكس هذه التقنيات المتنوعة أهمية الاسترخاء في تحسين الصحة النفسية وتعزيز وظائف الجسم بشكل عام.