إستراتيجية “الشطيرة”.. كيف تنتقد الآخرين بطريقة أكثر قبولا؟
غالباً ما تفقد رسالتنا معناها، وتنحرف المحادثات عن مسارها خاصة عند النقد. في هذه الحالات، قد يتخذ الشخص موقفًا دفاعيًا أو يختار إنهاء النقاش فوراً لتجنب الإحراج أو الاختلاف في وجهات النظر.
تعتبر استراتيجية “الشطيرة” إحدى الطرق الفعالة للحوار، حيث تساعد في تجنب إثارة غضب الآخرين والحفاظ على العلاقات الجيدة، خصوصًا أثناء النزاعات.
ما هي تقنية الشطيرة؟
ظهرت هذه التقنية في ثمانينيات القرن العشرين كوسيلة للمديرين لتقديم ملاحظات حول أداء الموظفين في بيئات العمل. وتوسع استخدامها ليشمل ميادين متعددة مثل التعليم والعلاقات الشخصية، سواء مع الأصدقاء أو العائلة.
تعتمد هذه الإستراتيجية على تواصل واعٍ يهدف إلى تقديم الملاحظات بطريقة تحافظ على أجواء إيجابية. تسمية “الشطيرة” تعود إلى فكرة تقسيم الملاحظات إلى إيجابية وسلبية. تتبع هذه الطريقة ثلاث خطوات: بدأ بتعليق إيجابي، ثم ملاحظات نقدية، وختام بنبرة إيجابية.
خطوات تطبيق أسلوب الشطيرة
حدد عالم النفس الأمريكي مارك ترافيرز الخطوات الرئيسية لتطبيق طريقة الشطيرة كما يلي:
-
الطبقة الأولى: البدء بالإيجابية
في هذه المرحلة، ينبغي أن تبدأ بإظهار التقدير للطرف الآخر، مما يعزز الجو الإيجابي قبل تقديم أي ملاحظات سلبية.
عند بدء حوار حساس أو صعب، يُفضل أن تبدأ بتقدير الطرف الآخر وإظهار الاحترام له. ذلك يساعد في تهيئة الأجواء لتقبل الملاحظات بشكل أفضل. دراسة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي عام 2019 أظهرت أن الملاحظات السلبية قد تؤثر سلباً على الصحة النفسية وتزيد من السلوكيات العدائية مقارنة بالملاحظات الإيجابية أو المحايدة.
### الحشوة: تقديم النقد البناء
في هذه المرحلة، يجب التركيز على التصرفات أو الأفعال التي تحتاج إلى تعديل، بدلاً من توجيه النقد لشخصية الطرف الآخر. دراسة أجريت عام 2022 ونُشرت في مجلة الآراء الحالية في علم النفس أوضحت أن الأفراد يميلون إلى اعتبار الملاحظات تهديداً عندما تتناول شخصياتهم وليس أفعالهم، مما يؤدي إلى انخفاض احترام الذات واستحضار مشاعر الخجل أو الإهانة، وبالتالي ردود أفعال دفاعية بدلاً من التركيز على حل المشكلة.
### الطبقة الأخيرة: التعزيز الإيجابي
يُنصح بإنهاء الحوار برسالة إيجابية تُبرز نقاط قوة الطرف الآخر وتؤكد على إمكانياته وقدرته على التحسن في المستقبل. هذا الأسلوب يخفف من الآثار السلبية للنقد، ويحفز الدافع الداخلي للنمو والتغيير.
### لماذا يُنصح باستخدام طريقة الشطيرة في التواصل؟
تعتمد طريقة الشطيرة على المزج بين التعزيز الإيجابي والملاحظات البناءة لتحقيق تواصل فعال يجعل النقد أكثر قبولًا وأسهل استيعابًا. وتتميز هذه الطريقة بعدة فوائد:
#### التخفيف من حدة الانتقادات
وضع النقد بين ملاحظات إيجابية يقلل من ردود الفعل السلبية ويهيئ الطرف الآخر لتقبل التغيير.
#### الحفاظ على العلاقات
تُبرز هذه الطريقة التقدير والاعتراف بنقاط القوة، مما يُسهم في الحفاظ على العلاقات حتى عند مواجهة التحديات.
#### تحسين الأداء وتعزيز التغيير الإيجابي
تقديم النقد البناء بأسلوب داعم مع اقتراح حلول واضحة يُحفّز الأفراد على معالجة نقاط الضعف والعمل على تحسينها.
### كيف تقدم النقد بفاعلية باستخدام أسلوب الشطيرة؟
إذا اخترت استخدام هذا الأسلوب، فإليك بعض النصائح لضمان تحقيق الهدف بشكل فعّال:
#### كن دقيقًا في الإطراء
المدح العام قد يبدو غير صادق. استبدل العبارات العامة مثل “أنت متميز” بتعليقات محددة مثل “أعجبتني دقتك في إنجاز هذه المهمة”.
– **لا تغرق في الإيجابية**: الإفراط في التعليقات الإيجابية قد يضعف تأثير النقد.
– **حافظ على التوازن**: تأكد من أن الملاحظات الإيجابية حقيقية بنفس درجة النقد.
– **تجنب استخدام “لكن”**: الانتقال من الإيجابية إلى النقد باستخدام “لكن” قد يُلغي تأثير العبارات الإيجابية. استخدم كلمات مثل “ومع ذلك” بدلاً من ذلك.
– **اترك مساحة للرد**:### تعزيز الحوار من خلال استراتيجية الشطيرة
تعتبر استراتيجية الشطيرة من الأساليب الفعالة لتعزيز الحوار والتواصل بين الأفراد. تعتمد هذه الطريقة على الجمع بين التعزيز الإيجابي والنقد البناء، مما يسهم في تحسين التفاهم وضمان شعور الجميع بالمشاركة.
#### متى يجب تجنب هذه الاستراتيجية؟
على الرغم من فوائدها، قد لا تكون استراتيجية الشطيرة مناسبة في جميع المواقف. يُفضل تجنبها في الحالات التي تتطلب النقد المباشر، مثل حالات الطوارئ أو التصرفات الخطيرة.
![استراتيجية الشطيرة](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1735094187_97_استراتيجية-الشطيرة-انتقاد-الآخرين-بطرق-مقبولة.jpeg)
*طريقة الشطيرة تعتمد على المزج بين التعزيز الإيجابي والملاحظات البناءة لتحقيق تواصل فعّال يجعل النقد أكثر قبولاً (بيكساباي)*
### كيف يمكن تطبيق استراتيجية الشطيرة في مواقف مختلفة؟
#### مع الأصدقاء
عندما تلاحظ أن أحد أصدقائك بدأ يبتعد، يمكنك استخدام هذه الاستراتيجية للتعبير عن مشاعرك. ابدأ بالتعبير عن تقديرك لصداقته، مثل: “أنا أقدّر دعمك لي على مر السنوات”. ثم اعرب عن قلقك بلطف: “لاحظت أنك أصبحت مشغولاً مؤخرًا وأفتقد الحديث معك”. وفي النهاية، أكد على أهمية العلاقة: “أتمنى أن نعود للتواصل كما كنا دائمًا، فأنت شخص مهم جدًا بالنسبة لي”.
#### مع نفسك
يمكنك أيضًا تطبيق هذه الاستراتيجية لتعزيز تعاطفك مع نفسك. ابدأ بالاعتراف بنقاط قوتك: “لقد حققت تقدمًا كبيرًا في إدارة وقتك”. ثم اعرض ما تريد تحسينه: “لكن يوجد مجال لتحسين تحديد أولوياتي”. اختم بدعم نفسك: “أعلم أن لدي القدرة على التوازن، وسأواصل تطوير نفسي بثقة”.
#### في العمل
عند التعامل مع زميل في العمل لا ينجز مهامه في مشروع مشترك، استخدم أسلوب الشطيرة بدلاً من النقد المباشر.
**ابدأ بالثناء:** “أعجبني كثيرًا نجاحك في التعامل مع هذا العميل الجديد، لقد بذلت مجهودًا رائعًا”.
**انتقل إلى الموضوع:** “لكن مشروعنا المشترك تأخر قليلاً، وأنا متأكد أن مساعدتك ستعيدنا إلى المسار الصحيح”.
**اختم بالتشجيع:** “أثق بقدرتك على التوازن بين المهام، وأنا متحمس للنتائج التي يمكننا تحقيقها معاً”.