واشنطن بوست: العلاقات بين ترامب وبوتين تضع العالم على المحك
ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يُعتبر “مستبدًا ماكرًا ومناهضًا لأميركا”، يسعى للجلوس مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي يتطلع إلى اتفاقية سلام في أوكرانيا. يأمل بوتين في استغلال هذه الفرصة لإنشاء نظام عالمي جديد يقوم على المعاملات، دون قواعد أو حقوق إنسان، يقسم العالم بينهما.
وأفادت الصحيفة -في تقرير لكل من روبين ديكسون وكاثرين بيلتون وفرانسيسكا إيبل- بأن بوتين يتطلع إلى إبرام صفقة كبيرة حول الأمن الأوروبي، مما يضع أوكرانيا تحت رحمة روسيا، ويضعف حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويعزز من دور روسيا كقوة عالمية.
تقييم الكرملين لحالة ترامب
قبل أي محادثات، يقوم الكرملين بتقييم دقيق لرسائل ترامب وطموحاته ونقاط ضعفه، والتي تشمل -حسب المحللين الروس- سذاجته الجيوسياسية وقصر فترة انتباهه، فضلاً عن ميله للاعتماد على الحدس. حيث اعتبر كونستانتين ريمتشوكوف، محرر صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا، أن ترامب “ليس مفكرًا عميقًا في الأمور الجيوسياسية”.
حرب أوكرانيا في صلب النقاشات
ستكون القضية الأبرز بين ترامب وبوتين هي حرب أوكرانيا. حيث وعد ترامب بإنهائها في غضون 24 ساعة، إلا أن بوتين وضع شروطًا صارمة لأي صفقة، تتضمن إبقاء أوكرانيا خارج الناتو بشكل دائم، وتقلص قوتها العسكرية، والاحتفاظ بجزء من أراضيها، مما يعني أن الفرص للتوصل إلى اتفاق تبقى ضعيفة أمام موقف بوتين المتشدد وخوف ترامب من الظهور بمظهر الضعيف.
لا إشارات لعصر جديد
أشارت الصحيفة إلى أن الظروف الحالية لا توحي ببدء عصر جديد من العلاقات الدافئة، حيث بثت وسائل الإعلام الروسية صورًا لميلانيا ترامب عارية بعد أيام من الانتخابات، وحذر بوتين من أن ترامب “ليس آمنا”، مما يُفهم باعتباره تهديدًا.
في المقابل، أعلن ترامب بعد خسارة بوتين لعميله السوري بشار الأسد أن روسيا أصبحت في “حالة ضعف” بسبب الحرب الأوكرانية وتدهور اقتصادها، ووجه دعوة لبوتين للتوجه إلى وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلام.
أفكار وتوجهات مشتركة
على الرغم من كل التوترات، يبدو أن لديهما بعض الأمور المشتركة، فبوتين لا يحب الحديث عن القمع الروسي وحقوق الإنسان، ويعتبر ترامب شخصًا غافلاً عن القيم، مما يساعد في إنتاج نظام عالمي جديد بلا حقوق إنسان، يتشارك فيه الأفراد والشركات الكبرى خريطة الموارد ويتاجرون باحتياجات الدول الأقل قوة.
مزاج منتصر لبوتين
ذكرت الصحيفة أن بوتين عبّر بعد أيام من فوز ترامب عن شعوره بالانتصار، حيث أشار إلى أن نظامه الجديد أصبح في متناول اليد. وأكد أن “الناتو لم يعد يناسب العصر”، وأن “ميثاق الأمم المتحدة يجب أن يُعدل”.
وأشار الكاتب الروسي المقيم في الولايات المتحدة، ميخائيل زيغار، إلى أن بوتين بدى وكأنه يتحدث إلى ترامب مباشرة عند قوله بأن الغرب سيعترف قريبًا بضرورة النهج العملي الذي يعتمد على القوة وقدرة الدول على الدفاع عن مصالحها.
صفقة كبرى
بينما يستعد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب للمواجهة، يبدو أن بوتين وضع رهانات كبيرة على أوكرانيا، معلقًا آماله على قدرة الأخيرة على الصمود أمام العقوبات الاقتصادية التي تواجهها روسيا. ويدعي المسؤولون الروس أن تسليم الأسلحة الغربية سيتراجع حال تولي ترامب الحكم.
أفادت تاتيانا ستانوفايا، من مركز كارنيغي، بأن بوتين يأمل بإقناع ترامب بأن الحرب في أوكرانيا تحتاج إلى نهايات محددة. وإذا لم تنجح محاولاته سيواصل القتال. كما أشار أكاديمي روسي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الأجواء في الكرملين تميل إلى عدم الرغبة في التفاوض، خاصة مع تقدم قوات الجيش الروسي في شرق أوكرانيا.
وتظهر توضيحات صحيفة “واشنطن بوست” أن ترامب يشير إلى قدرته على إبرام صفقة سريعة، مما يعكس قلة صبره. من جانبهم، يصر الروس على أن أي اتفاق يجب أن يعالج “الأسباب الجذرية” للحرب، وهو ما يتضمن تطلعات بوتين لعقد صفقة كبرى تتعلق بالهيكل الأمني الأوروبي. وفقًا لمصادر قريبة من الكرملين، يشير الأمر إلى رفض بوتين لأي صفقة لا تشمل كل من القارة الأوروبية والعالم بأسره.
تقسيم العالم
هذا يعني أن هناك إمكانية لعقد قمة بين ترامب وبوتين، حيث قد يتفق الطرفان على تقسيم مناطق النفوذ، بما يعزز من قدرة روسيا على السيطرة على أوكرانيا وجورجيا وغيرهما من جيرانه السابقين غير الأعضاء في حلف الناتو. لكن في المقابل، يشارك المقربون من ترامب مخاوفهم من تقسيم النفوذ القائم بين روسيا والصين، حيث أعرب ترامب نفسه عن استعداده لتفكيك التحالف بينهما. إلا أنه يبدو أن محاولة ترامب لخفض العلاقات بين موسكو وبكين لن تحقق نجاحًا، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بين القائدين ومشاعر عدم الثقة المشتركة تجاه الولايات المتحدة وآمالهم في تعزيز قوتهم في نظام عالمي متعدد الأقطاب.