يستعد الرئيس اللبناني جوزيف عون لتكليف القاضي نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، بتشكيل حكومته الأولى، بعد نتائج الاستشارات النيابية ألتي أظهرت دعماً كبيراً له. يأتي هذا في أعقاب انتخاب رئيس الجمهورية العون الذي يُعَد بداية مرحلة جديدة في البلد.
وبعد انتهاء الاستشارات النيابية، خرج الرئيس عون ليثني على جهود الصحافيين، متمنياً أن تكون المشاورات القادمة لتشكيل الحكومة سهلة وسريعة، لما يحمله المستقبل من فرص عديدة.
حصل القاضي سلام على 85 صوتاً مقابل 9 أصوات لميقاتي، وأعلن مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير بأن الرئيس عون، بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قرر تكليف سلام، الذي من المقرر أن يعود من الخارج الثلاثاء.
حصلت هذه الأحداث بعد ساعات من المباحثات التي أدت إلى تغيرات كبيرة في المشهد السياسي اللبناني، حيث امتنعت كتلتا “حزب الله” و”حركة أمل” عن التصويت في النهاية، مع تصريحات من رئيس كتلة الحزب محمد رعد الذي اتهم المعارضين بالانقلاب على التوافق الذي تحقق في الانتخابات.

مشاورات عصيبة
لم يكن من السهل على سلام التقدم، فقد شهدت الاستشارات تنافساً كبيراً، حيث كانت الأنباء تشير سابقًا إلى تقدم ميقاتي. لكن الأمور تغيرت بشكل ملحوظ، وتمكن سلام من تحقيق انتصار كبير بأصوات مسيحية وسنية ودروز بينما لم يحظَ بدعم أي طرف شيعي، مما قد يعقد مهمته في تشكيل الحكومة.
بدأت الأمور تتجه لدعم سلام منذ مساء الأحد، حيث قررت المعارضة دعمه. وفي ظل عدم وضوح موقف العديد من الكتل حتى اللحظة الأخيرة، كانت النتيجة غير متوقعة بعد سنوات طويلة من التنافس المعروف مسبقًا.
انسحاب منيمنة ومخزومي
نجحت جهود النواب في التوصل إلى انسحاب منيمنة لصالح سلام، ليعلنه مخزومي صباحًا مما زاد الأمور تعقيدًا. وتوجهت الأنظار لترقب مواقف “التيار الوطني الحر” و”اللقاء الديمقراطي” و”الاعتدال الوطني” التي كانت متوقعة بعد الظهر، فيما كانت مشاورات النواب المستقلين والكتل الصغيرة تجري قبل الظهر.
إرباك في أوساط “حزب الله”
أظهرت الاستشارات دعم معارضي “حزب الله” لسلام، مما خلف إرباكاً في صفوف الحزب وحلفائه. إذ بدأت المعلومات تشير لدعم الاشتراكي والوطني الحر لسلام، ما جعل حزب الله يطلب تأجيل موعد الاستشارات الذي لم يتجاوب معه الرئيس عون.
أعلنت “القوات اللبنانية” دعمها لسلام، وجاءت تصريحات النواب تأكيداً على رحلة الأمل في لبنان، مبرزين دعمهم للرئيس العون. وأيضاً، أعلن “اللقاء الديمقراطي” دعمه لسلام، في حين أظهر “التيار الوطني الحر” وجهة نظر إيجابية تجاهه.

أيضًا، أشار النواب المستقلون وأعضاء “الكتائب” إلى أهمية التعاون والشفافية في العمل الحكومي، متمنين أن تشهد الفترة المقبلة استقراراً أكبر، على الرغم من امتناع بعض النواب عن التسمية.
ردود فعل “حزب الله”
في اللحظة الأخيرة للاستشارات، اجتمع وفد من “حزب الله” مع الرئيس عون، ومن ثم انتقد رئيس الكتلة مواقف المعارضين، متهمًا إياهم بخرق التعايش الوطني. وبينما أشار إلى أنهم كانوا يأملون في إطار من التعاون، أبدى رغبتهم في حكومة ميثاقية تحفظ العيش المشترك.
تظل الأوضاع في لبنان متأرجحة بينما يبني الرئيس العون حكومته الجديدة, مع آمال بالتغيير والإصلاح.
في تطور سياسي بارز، أعلن رئيس كتلة “حزب الله” النائب محمد رعد، أن الكتلة ستراقب الأوضاع بهدوء وحكمة، مشيراً إلى أن الهدف هو إخراج المحتل من الأراضي اللبنانية واسترجاع الأسرى وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق قرار 1701 بما يضمن الوحدة الوطنية.
#### موقف كتلة “التنمية والتحرير”
من جانبها، امتنعت كتلة “التنمية والتحرير” عن تسمية أي مرشح، حيث تحدث باسمها النائب أيوب حميد عقب لقاء جمع الكتلة مع الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري. وأكد حميد أن الكتلة تستند في موقفها إلى مبدأ عدم التناقض بين الميثاق والعيش المشترك.
### نتائج الجولة الأولى من الاستشارات
اختتمت الجولة الأولى من الاستشارات التي جرت صباحاً بلقاء الرئيس عون مع 21 نائباً، أسفرت عن تصدر نواف سلام بواقع 12 صوتاً مقارنة بـ 7 أصوات لمنافسه ميقاتي، فيما امتنع نائبان عن التصويت، وهما نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب والنائب جميل السيد.
#### تعليقات النواب بعد اللقاء
بعد لقائه مع الرئيس عون، ذكر إلياس بوصعب أن هناك انفتاحاً دولياً على لبنان، ولكنه أعرب عن قلقه من احتمال حدوث انقسامات جديدة قد تعقد الأمور في تشكيل الحكومة. من ناحية أخرى، عبّر النائب إبراهيم منيمنة، الذي انسحب من الترشح لصالح سلام، عن تفاؤله بفرصة التوافق السياسي خلال المرحلة القادمة.
### مرحلة التأليف بعد التكليف
ورغم تكليف رئيس جديد، فإن تشكيل الحكومة قد يستغرق وقتاً طويلاً. عادة ما تستغرق هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهر، والحال لا يختلف في لبنان حيث تعتمد المعاملات السياسية على المحاصصة. ومع ذلك، لدى بعض الأفرقاء اللبنانيين الثقة بأن هذه المرة قد تكون عملية التأليف أسهل بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الحالية التي تدعو إلى ضرورة الإنجاز.