حكاية كلب فيلسوف وحيد

Photo of author

By العربية الآن


كافكا

توفي الروائي التشيكي فرانز كافكا عام 1924 عن عمر يناهز 40 عاماً. على الرغم من تأليفه ثلاث روايات (المحاكمة، والقلعة، وأميركا)، إلا أنه لم يتمكن من إنهائها أو نشر أي منها خلال حياته، باستثناء بعض المقتطفات. قبل وفاته, قام بإعطاء صديقه وناشره ماكس برود توجيهات لحرق جميع كتاباته غير المنشورة. ومع ذلك، لم يقم برود بتنفيذ الوصية، ونشر الروايات الثلاث بعد إجراء تعديلات تحريرية عليها، مما ساهم في جعل كافكا واحداً من أعظم الروائيين في القرن العشرين وأيقونة ثقافية متعددة اللغات.

لقد تناولت أعمال كافكا نقد المؤسسات القانونية والبيروقراطية التي ظهرت خلال فترة الحداثة، مسلطاً الضؤ على الأنظمة الإدارية القاسية التي تعمل بشكل مستقل عن الأفراد، كما تناولت معرفته بكيفية إنتاج المعرفة في الأوساط الأكاديمية والتي تُعتبر أيضاً «كافكاوية» في الكثير من أعمالها.

تجربة كافكا مع “أبحاث كلب”

من بين أعمال كافكا القليلة المعروفة، يأتي نص “أبحاث كلب”، الذي كتبه في خريف عام 1922. لم يكن لهذا العمل عنوان عند كتابته، وقد نشر بعد وفاته في عام 1931 بفضل برود الذي قام بتحرير الكتاب وسمّاه “أبحاث كلب” ارتباطا بالمواضيع الأكاديمية.

تتناول القصة الفلسفية الساخرة حياة كلب وحيد يسعى لفهم ذاته والعالم من حوله، مستعرضاً مجموعة من المغامرات الفكرية. يطرح الكلب تساؤلات متعددة، بدءاً من استقصاء الفضول والغريزة، ويصل إلى سؤال أساسي: “من أين يأتي الطعام؟”.

في بحثه عن الأجوبة، يجري الكلب المتفلسف مجموعة من التجارب، يواجه خلالها صمت عدم اهتمام الأقران، مما يعكس عدم الرغبة في معرفة الحقيقة. بعد ذلك، يتبنى مبادرة ملحمية لكشف أسرار التغذية من خلال الصيام، مما كاد يُهدّد حياته من الجوع. تنتهي القصة بتلخيص الاكتشافات الفلسفية للكلب، لتنتهي بكلمة “الحرية”، التي تعتبر ذروة التجربة.

استكشاف أعمال كافكا من خلال شوستر

اعتبر الباحث آرون شوستر، في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان “كيف تبحث ككلب: علم كافكا الجديد”، أن “أبحاث كلب” كانت مهملة بشكل خاص، وأن النص يحمل عمقاً فلسفياً يتطلب إعادة اكتشافه. يرى شوستر أن قدرة النص على السخرية تعد مفتاحاً لفهمه بشكل صحيح، كما أن الفجوة بين عالم الكلب الذي يتحرك فيه والأسياد غير المرئيين قد تفسر المعضلات والمشاكل التي يواجهها.

يشير شوستر أيضاً إلى أن السيطرة تبدو أكثر تعقيداً في “أبحاث كلب” مقارنة بأعمال كافكا الأخرى حيث تنسحب السلطة المركزية بشكل غير مرئي، مع ذلك، فإن التحديات المستندة إلى معرفة جديدة تدعو بالضرورة إلى الحرية، مما يجعل الحياة تبدو دائمة الافتقار إلى الحرية بينما يُعبر ذلك الفشل عن الحياة بشكل أدق.

ختاماً، يعتقد شوستر أن نص “أبحاث كلب” يمكن أن يكون المفتاح لفهم شخصيات كافكا المعقدة، ولعلها مقدمة ضرورية لفهم عقل كافكا نفسه.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.