سوريا الثورة: مستقبل مليء بالفرص

يظل المستقبل غير واضح بالنسبة لسوريا، لكننا نشهد آثار الماضي والحاضر، ونعلم تمامًا ما يسعى إليه الشعب السوري: الحرية.
تجربة السنوات الثلاث عشرة الماضية، التي قضاها السوريون في كفاحهم ضد الطغيان، كانت مليئة بالصعوبات والإصرار لتحقيق طموحاتهم، لذا فإن هذه الجهود يجب ألا تُهدر. لتحقيق الآمال والأحلام، ينبغي على الشعب السوري الاستفادة من الدروس التي تعلموها والتفاعل مع التغييرات التي تحدث حاليًا لضمان عدم انهيار كل ما تم تحقيقه.
ولضمان نجاح الثورة وتمثيل كل السوريين، يتعين توزيع السلطة بشكل يضمن جميع أطياف المجتمع. يمكن للسوريين أن يستلهموا نموذجًا حكوميًا جديدًا من تجارب سياسية في لبنان والعراق.
التعلم من الثورات السابقة
إن الدروس المستفادة من الثورات السابقة في الربيع العربي تعتبر ضرورية للسوريين أثناء مرورهم بهذه المرحلة الغامضة؛ فعلى عكس الانتفاضات الأخرى، يجب على السوريين تجنب تكرار أخطاء تلك الدول.
توزيع السلطة من أجل الاستقرار
لضمان نجاح الثورة وشموليتها لجميع السوريين، من الضروري توزيع السلطة بطريقة تضمن جميع فئات المجتمع. يمكن أن يستلهم السوريون نموذجًا حكوميًا من التجارب في لبنان والعراق، لتحقيق توازن حيث يتولى الرئيس الدروز، والنائب المسيحي، ورئيس البرلمان العلوي أو الشيعي، ورئيس الوزراء السني ونائبه الكردي. هذا النمط من التوزيع سيعكس التنوع الثقافي في سوريا ويعزز الإحساس بالأمان بين الأفراد، مما يسمح لكل صوت أن يُسمع ويمثل المجتمع بشكل فعّال.
علاوة على ذلك، يعد الحوار بين المجموعات المتنوعة أمرًا جوهريًا لبناء الثقة وتعزيز التعاون. يجب على الحكومة السورية الجديدة أن تركز على جهود المصالحة ومعالجة الشكاوى لتهدئة النزاعات الطائفية وتعزيز الهوية الوطنية، مما يعزز وضع سوريا على الساحة الدولية باعتبارها دولة ديمقراطية ملتزمة.
تفتح رغبة الولايات المتحدة في معالجة القضايا العالمية -خصوصًا في الشرق الأوسط وأوكرانيا- نافذة للعمل على استقرار سوريا.
دور القوى الإقليمية والدولية
تتداخل عدة عوامل إقليمية ودولية لخلق بيئة مناسبة لازدهار سوريا واستقرارها على المدى الطويل. تدرك قطر وتركيا، وهما لاعبون رئيسيون في سوريا الجديدة، الفشل السابق في دول الربيع العربي وهما مصممتان على عدم تكرار ذلك، حيث تدرك كلا الدولتين أهمية بقائها موحدة لتعزيز نفوذها في المنطقة.
علاوة على ذلك، تسعى الشركات القطرية والتركية للاستثمار في العديد من القطاعات داخل سوريا، جنبًا إلى جنب مع اهتمام كبير من الشركات العربية والغربية في فرص إعادة الإعمار. لذا، قد يرى المجتمع الدولي ضرورة لدعم هذه الجهود، لضمان عدم انزلاق سوريا مرة أخرى إلى الفوضى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن رغبة الولايات المتحدة في حل القضايا العالمية -خاصة في الشرق الأوسط وأوكرانيا- تعطي أولوية لاستقرار سوريا. تعتبر واشنطن أن سورية المستقرة يمكن أن تخفف التوترات الإقليمية، مما يسمح لها بالتركيز على الأولويات الإستراتيجية في مناطق أخرى.
من المهم أيضًا أن تلتزم القوى العالمية بتنفيذ القرار 1701، والذي يهدف إلى ضمان الاستقرار في لبنان بعد النزاع الأخير، مما يعكس أهمية الاستقرار على الحدود مع سوريا. أي اضطرابات داخل سوريا يمكن أن تهدد هذا الاستقرار، وهو ما ستعارضه الولايات المتحدة بشدة في مساعيها لتحقيق توازن الإقليمي.
من جهة أخرى، بدأت بعض الدول الغربية في تجميد طلبات اللجوء وتستعد لعودة السوريين إلى “المناطق الآمنة” في وطنهم، مما يشير إلى رغبة في تجنب تكرار أزمات اللجوء السابقة.
إن مستقبل سوريا مليء بالتحديات، لكنه يحمل أيضًا فرصًا للتجديد. لذلك يجب على الشعب أن يتوحد لبناء هيكل حكومي يعكس هوياتهم ويرسخ الاستقرار والسلام والحرية للجميع. ويجب أن تكون الدروس المستفادة من الماضي ضمن أولويات السوريين.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر