قالب السكر: رفيق المغاربة في الفرح والحزن

31/1/2025
–
|
آخر تحديث: 31/1/202511:03 م (توقيت مكة)
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
الرباط – تتجمع الفتيات حول مائدة الحناء في انتظار دورهن لتزيين أيديهن بالنقوش بمناسبة احتفالية السنة الأمازيغية، حيث تتوزع على المائدة أوراق الورد وصحن مكسرات وأكياس حناء، ويتوسطها قالب سكر أبيض مزخرف برموز محلية.
ولا تقتصر علاقة المغاربة بالسكر على تحلية كؤوس الشاي فحسب، بل إنه رفيقهم في أقوى اللحظات الإنسانية. يتواجد قالب السكر في المناسبات السعيدة كمثل حفلات الخطوبة والزواج وعودة الحجاج والعقيقة، حيث يأخذه المدعوون كهدية تحمل أماني بالسعادة. وفي الجنازات، يقدم المعزون قالب السكر لمشاركتهم في الحزن.
على الرغم من وجود أنواع أخرى من السكر في الأسواق مثل المجزأ الكبير والصغير، يبقى قالب السكر هو الخيار المفضل للمغاربة في اللحظات المهمة من حياتهم.

تقول أم مريم للجزيرة نت إن لقالب السكر مكانة خاصة في العادات والتقاليد المغربية، مضيفة: “عندما نذهب إلى تعزية أحبائنا، نحضر معنا السكر من نوع القالب، حيث الألوان تعكس الحزن.” وتوضح أنه في المناسبات السعيدة مثل الزواج، يحمل المغاربة قالب السكر كنوع من الهدايا لتمنياتهم بحياة سعيدة.
غذاء وهدية
يشير كتاب “معلمة تاريخ المغرب” إلى أن السكر ظهر في المغرب خلال القرن الثاني عشر الميلادي، حيث كان يُنتج من قصب السكر المزروع في جهات سوس وشيشاوة. وقد ازدهر إنتاجه في زمن السعديين خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وعن طريق معطيات متحف التاريخ والحضارات في الرباط، كان المغرب واحدًا من أكبر بلدان إنتاج السكر في تلك الفترة، حيث كان يتم استبداله بالأسلحة. وفي فترة السلطان المنصور الذهبي، تم إنشاء معامل ضخمة لتصفية السكر وتحويله إلى شكل القالب المعروف حتى اليوم.

وبدأ الإنتاج العصري للسكر من السكر الخام المستورد في عام 1929 بتأسيس مصفاة كوسومار، بينما بدأ إنتاج السكر من نبتة الشمندر في عام 1963 ومن قصب السكر عام 1972.
واستهلك المغاربة في عام 2023 حوالي مليون و209 آلاف طن من السكر الأبيض مقارنةً بمليون و202 ألف طن في عام 2022، وفقاً لتقرير وزارة الاقتصاد والمالية. وتمثل قوالب السكر 24% من إجمالي الاستهلاك، مما يدل على أهميتها الثقافية في الأرياف والمناسبات الاجتماعية.
ولاء وإخضاع
يذكر كتاب “من الشاي إلى الأتاي: العادة والتاريخ” أن السكر كان له دور رمزي في الثقافة المغربية، حيث استخدمه السلاطين كوسيلة لإخضاع القبائل. السلطان الحسن الأول كان يُهدِي الشاي والسكر للرؤساء المحليين الذين يترددون في إعلان ولائهم.
لاحقاً، أصبحت القبائل تعبر عن ولائها بتقديم قوالب السكر في الأعياد والمناسبات الخاصة، مما جعل السكر جزءًا من ثقافة التهاني والمجاملات.
## السكر: رمز التماسك الاجتماعي والثقافي في المغرب
يسعى الطرف صاحب النفوذ إلى إزالة الحواجز وتعزيز التواصل، بل يعمل في بعض الحالات على إلغاء المقاومة وتعزيز علاقات التبعية.
السكر في الثقافة المغربية
ينقل الدكتور أسامة الخضراوي، الباحث في الثقافة المغربية، أن “قالب السكر” يحمل اسمه بسبب القالب الذي يصب فيه. حيث تم إنتاجه بهذا الشكل منذ العهد السعدي وحتى اليوم.
أهمية السكر في المناسبات
ويؤكد الخضراوي أن العلاقة بين المغاربة والسكر تمتد لما هو أبعد من البعد الشخصي، لتشمل المطبخ والمائدة المغربية. يُعتبر السكر رمزًا للتماسك الاجتماعي والثقافي الراسخ على مر العصور. فهو يتواجد في معظم المناسبات السعيدة والحزينة، حيث يتشارك المغاربة حلاوته كمظهر من مظاهر المحبة والتضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى استخدامه في المقايضة بين السلع في العصور القديمة.
السكر كمكون أساسي
يُشير الباحث إلى دلالة اللون الأبيض والحلاوة التي يجسدها السكر، خاصة عند تقديمه مع الشاي. تعتبر هذه العناصر الثلاثة أساسية في الحوار الاجتماعي والديني والسياسي والاقتصادي سواء داخل المغرب أو خارجه. في نظر الخضراوي، أصبح السكر يمثل بصمة مغربية ويُعد “علامة تجارية” حديثة لهذا المنتج.