الباتيك الإندونيسي: فن تقليدي يروي قصة جاوا وبيئتها
![بائعون بمعرض تجاري في جاكرتا للاحتفال باليوم الوطني للباتيك [ياسوشي شيبا/الفرنسية]](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2025/02/الباتيك-الإندونيسي-فن-تقليدي-يجسد-روح-جاوة-وطبيعتها.png)
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>سولو، إندونيسيا- غوناوان ستيونو، جيل رابع من صانعي الباتيك، ينتمي إلى المدينة التاريخية سولوكرتا في جاوا الوسطى، عاصمة الباتيك في إندونيسيا.
تقاليد الباتيك وأصوله
يشرح ستيونو أن “الباتيك هو فن تقليدي يصنع باستخدام الشمع والصبغ، حيث يستخدم الأرز اللزج في البدء لنحت التصاميم وجعلها مقاومة للصبغ قبل التحول إلى استخدام الشمع”.
على الرغم من صعوبة تحديد أصول هذه التقنية بدقة، يُعتقد أن الباتيك يعود لأزمنة قديمة عندما كانت تُلف الأقمشة حول الأجسام وتُصبغ بألوان جذابة وترسم عليها الرموز. ويُشير إلى أن الباتيك وُلد في إندونيسيا، مع وجود تقنيات مشابهة في مناطق أخرى مثل مصر، ماليزيا، سريلانكا، الهند، وأجزاء من الصين.
ألوان الباتيك
يوضح ستيونو أن ألوان باتيك سولو تعكس البيئة الطبيعية المحيطة، ففي جاوا يحيط بهم الأشجار والأوراق، لذا تتضمن ألوانهم البني والبيج والذهبي. بينما في المجتمعات الساحلية، تميل الألوان إلى الزرقاء والخضراء، أما تلك الموجودة قرب البراكين النشطة فتستخدم ألوان الأحمر والبرتقالي.
![امرأة تصنع الباتيك التقليدي باستخدام أداة للشمع الذائب لرسم الأنماط على القماش في متجر باتيك محلي في سولو، جاوا الوسطى، في 30 يوليو 2024 [ياسووشي شيبا/الفرنسية]](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2025/02/1738602069_792_الباتيك-الإندونيسي-فن-تقليدي-يجسد-روح-جاوة-وطبيعتها.png)
الباتيك: أكثر من مجرد ملابس
يؤكد ستيونو أن الباتيك ليس مجرد زي عادي، بل له معنى وفلسفة خاصة. يوجد دائما سبب أو مناسبة محددة لارتدائه، مثل تصميم محدد للنساء الحوامل، النساء حديثات الولادة، الأطفال الذين يتعلمون المشي، حفلات الزفاف، الجنائز، وحتى في مناسبات الترقية الشخصية.
تحديات الباتيك في إندونيسيا
يشكل فن الباتيك جزءًا من التراث التقليدي لإندونيسيا، إلا أن الصناعة تواجه تحديات في متابعة التطورات الحديثة. يتحدث ألفا فيبيلا برياتمونو، أحد خبراء الباتيك في مدينة سولو، عن ضرورة الفهم الأعمق لهذا الفن خارج نطاق كونه مجرد نسيج. ويصف برياتمونو الباتيك بأنه تقنية صبغ تحوي الشمع لتشكيل التصميمات، ويمكن تطبيقها على المواد المختلفة مثل السيراميك والخشب والجلد.
ومع ذلك، ظهرت تصاميم حديثة تستخدم مواد كيميائية بدلًا من الشمع التقليدي، مما ينحرف عن الأساليب الأصيلة للباتيك. ويشدد برياتمونو على أهمية دعم الشباب والجمهور الأوسع للباتيك من الناحيتين الفنية والثقافية.
التحدي في السوق والتعليم
يواجه السوق المحلي تحديات قوية، حيث تخسر المنتجات المحلية أحيانًا أمام الأقمشة المستوردة الأرخص. ولهذا يسعى برياتمونو إلى تعليم الجمهور حول القيمة الأصيلة للباتيك وأهمية حب المنتجات الحقيقية. تتضمن برامجه التعليمية الشباب، مع التركيز على التصاميم الأبسط وإستخدام الأصباغ الطبيعية.
منطقة كامبونج باتيك لاويان في سولو، والتي كانت مركزًا رئيسيًا للباتيك منذ عام 1546، عانت من تدهور في السبعينيات وفي فترة الجائحة أيضًا. ومع ذلك، شهدت المنطقة تحسنًا مع عودة 40 إلى 50 بائعًا للنشاط. وبالرغم من ذلك، يبقى السوق المحلي في خطر، مما يستوجب العناية وتنمية هذه الصناعة.
النظرة المستقبلية للباتيك
يأمل ستياءوان أن يستمر الدعم الحكومي للباتيك الإندونيسي، لتعزيز المعرفة العالمية بهذا الفن. خلال قمم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) العام الماضي، ظهرت الشخصيات البارزة مرتدية أزياء الباتيك، مما يسلط الضوء على التزام إندونيسيا بالترويج لهذا التراث العريق على نطاق واسع.
الباتيك: رمز ثقافي وجزء من الهوية الإندونيسية
يرمز الباتيك إلى جزء مهم من الثقافة الإندونيسية، حيث تتجلى هذه الأزياء التقليدية بشكل لافت في المحافل الرسمية. يظهر قادة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبيك) وهم يرتدون هذه الزِّي التقليدي خلال اجتماعهم في إندونيسيا عام 2013. كما أن الشخصيات العامة الإندونيسية مثل جيبران راكابومينغ راكا، نائب الرئيس المنتخب، ووزير السياحة ساندياجا أونو، يحرصون على ارتداء الباتيك بشكل دوري في المحافل المحلية والدولية.
الثقافة اليومية واليوم الوطني
يعد الباتيك جزءًا من الحياة اليومية في إندونيسيا، حيث يُرتدى في ما يشبه “يوم الجمعة العادي”. تقام احتفالات يوم الباتيك الوطني في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول سنويًا، مما يعزز من أهمية هذا الزي في الحياة العامة والخاصة.
جيل جديد وتحديات الصناعة
تنتقل صناعة الباتيك تقليديًا من جيل إلى جيل كما هو الحال في عائلة ستياءوان. ومع ذلك، يعاني القطاع من نقص حماس الأجيال الشابة للعمل فيه، نظرًا لما تتطلبه هذه الحرفة من جهد ووقت إلى جانب تذبذب الأرباح.
![singapore’s then-prime minister lee hsien loong and his minister for defence ng eng hen (left) wear batik on an official visit to jakarta in april this year [bay ismoyo/afp]](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2025/02/1738602072_68_الباتيك-الإندونيسي-فن-تقليدي-يجسد-روح-جاوة-وطبيعتها.png)
الصحفي سيفاول عريفين من سولو، ينتمي إلى عائلة تعمل في بيع الباتيك، لكنه اختار مهنة الصحافة قائلاً: “كان والدي يصنع سراويل رائعة، لكنني فضلت العمل في الصحافة عندما كبرت. أشعر بالندم لعدم استمراري في إرث العائلة بعد وفاة والدي”.
إحياء الصناعة بين الشباب
يسعى ستياءوان إلى إعادة إحياء صناعة الباتيك لدى الشباب في ورشاته في كامبونغ بتيك كاومان، وهو مركز معروف للباتيك في سولو. يقدم متجره للزوار تجربة عملية لصنع الباتيك، حيث يمكنهم الجلوس والرسم على القماش بالشمع وغمره في الصبغة.
ريزكا، التي تبلغ من العمر 19 عاماً وتدرس الفنون، قالت إنها انضمت إلى فصل التدريب “لتعلم شيء جديد”. تجد ريزكا نفسها محاطة بزوار محليين ودوليين يرسمون تصميماتهم الشخصية بدقة باستخدام الشمع.
تقدير الفنون التقليدية: الباتيك الإندونيسي يجسد روح جاوة
اهتمام الشباب الإندونيسي بالباتيك
صرحت ريزكا، طالبة بجامعة سورابايا، أنها مهتمة بكافة أشكال الفن الإندونيسي، مشيرة إلى ضرورة فهم التاريخ الإبداعي لإندونيسيا، وأكدت “الباتيك مثير للاهتمام للغاية، فهو قادر على التغيير مع مرور الزمن ليكون ملائمًا لأحداث الحاضر، رغم كونه يُعتبر حرفة تقليدية في إندونيسيا. الأمر يعتمد علينا في الحفاظ عليه والاستمرار في الاعتناء به”.