صحيفة إلباييس: دبلوماسية ترامب بين “البلطجة” والصفقات الاستبدادية

عثرات لم تتأخر
أكد باستاس أن أولى العثرات التي واجهها ترامب ظهرت سريعًا. بعد أيام من قراره بتجميد مليارات الدولارات من المساعدات الاجتماعية، جرى التراجع عن القرار. وأشار الكاتب إلى أن هذه ليست سوى البداية، مع توقع المزيد من التعديلات والعثرات.
كانت أهم الأسئلة المطروحة تتعلق بمدى استمرار حملات “التطهير” السياسي، وانتقادات ترامب لمؤسسات الدولة الإدارية، إضافة إلى مصير المهاجرين غير النظاميين الذين جرت معاملتهم كمسؤولية حكومية دون اللجوء إلى المحاكم.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت السياسات التجارية التي اتخذها ترامب حروبًا جديدة مع المكسيك وكندا والصين، مع تأثيرات محتملة على المستوى الداخلي والخارجي.
اقرأ أيضًا
واشنطن بوست: ترامب يدق آخر مسمار في نعش القوة الأميركية الناعمة
وزير خارجية بولندا: أوروبا استجابت لطلب ترامب بزيادة النفقات العسكرية
خطط ترامب للتفكيك الداخلي وإنهاء التدخلات الخارجية
يسعى الرئيس دونالد ترامب لتحقيق إنجازات ملموسة في أول 100 يوم من توليه منصبه، مستلهماً من برنامج الإصلاح الذي أطلقه فرانكلين روزفلت عام 1933 والمعروف بـ”النيو ديل”. إلا أن هدف ترامب يختلف، حيث يهدف إلى تفكيك مؤسسات الدولة الفيدرالية من الداخل، وإنهاء الحروب والتدخلات العسكرية في الخارج.
وعلى الرغم من وعد ترامب بتحقيق وقف إطلاق النار في كل من غزة وأوكرانيا فور توليه المنصب، إلا أن جهوده لم تثمر سوى هدنة مؤقتة في غزة ولا تزال المفاوضات حول أوكرانيا في مراحلها الأولية.
دبلوماسية القوة والابتزاز
يعتمد ترامب على فلسفة “فن الصفقة”، حيث يقدم شروطاً بدلاً من التفاوض عليها ويستعين في ذلك بحلفائه مثل ستيف ويتكوف، الذي يفتقر إلى الخبرة الدبلوماسية ولكنه شريك لترامب في رياضة الغولف. خلال حفل تنصيب ترامب، تحدث ويتكوف عن استراتيجيات السلام المستندة إلى “عروض لا يمكن رفضها”.
وقد انصاع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأوامر ترامب بعد تحديه لجو بايدن لمدة 15 شهراً. ويصف الكاتب هذه السياسة بـ”المعاملة بالمثل” والتي تستند إلى القوة مقابل الاستسلام والعلاقات الفورية بدلاً من المبادئ الثابتة، في عالم تحكمه المصالح المطلقة.
الركائز الأساسية للدبلوماسية الترامبية
ذكر الكاتب أن أحد مبادئ ترامب هو احترام سيادة الدول، مما يوضّح منهجه في التعامل مع القضايا الدولية بتوافق مع فلسفته القائمة على المعاملات الاقتصادية والسياسية.
الازدواجية في تطبيق القانون الدولي
ترامب يدرك مفهوم القانون الدولي بوجهة نظر خاصة، حيث يظهره فقط عندما يخدم المصالح الأمريكية. ففي ولايته الأولى، اعترف بضم إسرائيل للجولان المحتل، وفي الوقت الحالي يبحث عن الاعتراف بضم الضفة الغربية. نفس الأمر ينطبق على القرم ودونباس، حيث أبدى تفهمه لمطالب موسكو، وهو الآن على استعداد لتضمينها في أي “صفقة سلام” مستقبلية.
إهمال حقوق الإنسان والديمقراطية
نهج ترامب يتجاهل الديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا عندما تتصادم مع المصالح الأمريكية. حيث تُعتبر إيران وكوبا وفنزويلا أنظمة تستحق العقاب. في المقابل، يتم التغاضي عن ممارسات إسرائيل وبعض الدول في المنطقة، وحتى روسيا والصين، بسبب قرارات واشنطن بإغلاق ملف “الرقابة الأخلاقية” على الدول التي تحقق معها صفقات!
فرص الاستثمار في غزة
بينما يشهد العالم الدمار في غزة، يرى ترامب فرصة تجارية لتحويل الأرض إلى مجمعات سكنية وكازينوهات. وبناءً على ذلك، يأتي بفكرته الشريرة: “دعوة كريمة” لـ1.5 مليون فلسطيني للانتقال إلى مصر أو الأردن، وربما حتى إندونيسيا أو ألبانيا، بعد تعرضهم للقصف والتشريد.
السياسة الخارجية الجريئة
يشير الكاتب إلى أن ترامب يصف سياسته الخارجية بأنها “جريئة”، تتطلب محادثات صعبة وقرارات محفوفة بالمخاطر. ولكن الحقيقة تعبر عن فرض العقوبات، والحصار، والتعريفات الجمركية، والتهديد بالقوة العسكرية. على النقيض، قد تقدم مكافآت مثل الاستثمارات والحماية والرشاوى، أو رفع العقوبات بناءً على استجابة الأطراف لمطالبه.“`html
رؤية ويتكوف حول الثقة والسياسة العالمية
يختتم الكاتب في نهايته نظرية ويتكوف التي تقول: “هكذا تُبنى الثقة ويُحافظ عليها”، مستندة إلى مبدأ المساءلة وتقاسم الأعباء المالية التي يفرضها ترامب على حلفائه. ولكنه يوضح أن هذا ليس سوى مبرر إضافي لسياسة الابتزاز.
تفضيل الأعداء على الحلفاء
يوضح الكاتب أن الأعداء الذين يستطيعون مواجهة هذه السياسة بمنطق الندّية قد تكون فرصهم أفضل من الحلفاء الذين يرضخون للضغوط، مشيرًا إلى أن الحلفاء سيتعرضون للإقصاء من المفاوضات وسيكون عليهم في النهاية دفع الكُلفة وتحمل أعباء القرارات.
الدبلوماسية في عيون ترامب
يختتم المقال بتأكيد الكاتب على أن هذه هي الدبلوماسية التي يسعى ترامب لفرضها على العالم، حيث يختفي مفهوم العدالة والقانون، ويحضر منطق القوة والصفقات المؤقتة، ليكون “العرض الذي لا يمكن رفضه” هو المنطق الأعلى.