تحقيق حلم أخي الراحل – إعادة بناء الحياة في دمار غزة

Photo of author

By العربية الآن

“أريد تحقيق حلم أخي المتوفى” – إعادة بناء الحياة وسط أنقاض غزة

فيرغال كين

مراسل خاص، بي بي سي نيوز
تقارير من القدس

منذ بدء الحرب أصبحت الوظيفة بالنسبة له حياة كاملة. كثيرون ممن يتعرضون للقصف كانوا جيرانه، الناس الذين نشأ معهم.

الشجاعة في وجه الخطر

حاتم الأطر، البالغ من العمر 25 عامًا، لم يكن متزوجًا. شجاعته لم تكن طائشة أو نابعة من جهل. كان يعلم أنه يمكن أن يموت في أي لحظة.

يقول حاتم: “جميع أيام الحرب منذ 7 أكتوبر حتى الآن كانت صعبة. كل ثانية في هذه الحرب كانت صعبة. يمكنك أن تفقد حياتك أو حياة أحد أحبائك في أي لحظة”.

واقع مرير للناجين

يجلس في مكتب الدفاع المدني في دير البلح مع رفاقه. يتبادلون الأحاديث ويتصفحون هواتفهم. كل واحد منهم ناجٍ. تسعة وأربعون من زملائهم قُتلوا، وأكثر من 300 أُصيبوا – ما يعادل تقريبًا نصف منظمة الدفاع المدني في غزة.

الشهادة على الحرب

لحاتم، كان الموت قريبًا بسبب الانفجار الذي ألقاه أرضًا في منزل بالقرب من مستشفى ناصر. يذكر قائلاً: “كان هناك أشخاص مصابون ومقتلون حول المنزل”.

“دخلت للتحقق مما إذا كان هناك أي شخص هناك، حيًّا أو ميتًا. بمجرد قيامي بذلك، ضرب صاروخ استطلاع المنزل”.

تظهر اللقطات التي التقطها زميل له دخوله إلى المبنى. هناك حريق مشتعل على يسار الإطار. ثم صوت انفجار قوي، سحب من الدخان، رجل يتعثر في الخروج، لكنه ليس حاتم.


النهاية الحزينة لعودة الرهائن الإسرائيليين

عندما عاد الرهائن الإسرائيليون إلى بلادهم بعد فترة احتجاز طويلة، كانت المشاعر مختلطة؛ بين الفرح بالعودة والقلق من المستقبل.

حكاية القصف والمأساة في قطاع غزة

يذكّرنا مشهد انفجار في مبنى دخلته مؤخراً حاتم وزميله بالأحداث المؤلمة في غزة. كانت اللحظة مرعبة، إذ خرج حاتم منها ناجياً بينما لم يكن الحظ بجانب أصدقائه.

في الرابع عشر من مارس العام الماضي، ومع بداية رمضان تلقى حاتم اتصالاً من شقيقه في ساعات الفجر الباكرة حاملاً أنباء سيئة: “منزلنا في البريج تعرض للقصف وأبي قُتل”.

توجه حاتم إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح حيث أرشده أحد الأصدقاء إلى المشرحة. هناك، وجد والده جثة إلى جانب ثماني جثث أخرى، كانت تلك جثث أرملة شقيقه وأطفالها السبعة. كانت اللحظة صادمة، لكن استمرار الحرب تطلب منه التحرك وسحب الجثث أو الأحياء من تحت الأنقاض.

الأمل في التعليم بالرغم من الواقع القاسي

مع توقف القصف والطلعات الجوية للمرة الأولى منذ 15 شهراً، بدأ حاتم يفكر في المستقبل. تحول تفكيره نحو التعليم ورسم حياة جديدة بعيداً عن الدمار المتواصل.

خطط ما بعد الاتفاق

“مع إتمام الصفقة، أفكر فيما يجب فعله لاحقاً. سأواصل دراستي الجامعية بمجرد أن تعود الجامعات إلى العمل. أنا أعزب، لكن سأفكر في الزواج.”

مجموعة من الفلسطينيين يحملون أمتعة مع وجود الحطام حولهم أثناء عودتهم إلى رفح
بدأ الفلسطينيون بالعودة إلى رفح بعد ساعات من بدء وقف إطلاق النار.

تغطية الأحداث في غزة

لسرد كيفية تجربة سكان غزة لهذه الحرب، اعتمدت وزملائي في بي بي سي على الجهود الدؤوبة للصحفيين المحليين الذين يعملون لصالحنا.

إسرائيل حظرت وسائل الإعلام الأجنبية من دخول غزة لتغطية الحرب بشكل مستقل.

عمل صحفيو بي بي سي المحليون على الأرض بشكل متواصل خلال آخر 24 ساعة لتوثيق المزاج في غزة خلال فترة وقف إطلاق النار: مسلح واقف في الطريق في النصيرات بوسط غزة، يطلق النار في الهواء؛ مقاتلو حركة حماس والشرطة يعاودون الظهور؛ على بعد خطوات قليلة مجموعة أخرى من الرجال يطلقون النار نحو السماء؛ حشود تتجمع عند تقاطعات الشوارع والزوايا؛ ورجل يجثو على الأرض ليقبلها.

الهدنة المرتقبة وإعادة الأسرى

stills from the main square in gaza city just before the transfer of three israeli hostages

هذه المشاهد كانت قبل نقل ثلاثة أسرى إسرائيليين ضمن اتفاق هدنة مرتقب بين إسرائيل وحماس.

الشعور بالنجاة والعودة إلى المنازل

تجري الأمور وسط دمار كبير، حيث تمر شاحنات وسيارات محملة بأمتعة الناس. بعض السكان يستخدمون عربات تجرها الحمير لنقل ما تبقى لهم من ممتلكات بعد تنقلهم المتكرر.

هناك مئات الآلاف من الرحلات اليوم في غزة، بعض منها فعليًا بدأ، والبعض الآخر في المخيلة. جميعهم نحو هدف واحد – العودة إلى المنزل.

يصل البروفيسور جمعة أبو شيحة إلى ما تبقى من منزله في النصيرات. يصف شعور النجاة بأنه “لا يوصف” ويصلي: “الله خير حافظ”. يكرر هذا الدعاء بينما يتنقل بين الغرف المدمرة يتبعه زوجته وأولاده.

الجدران متفجرة من الداخل، والآثار موجودة في كل مكان من جراء الرصاص والشظايا.

prof abu shiha arrives at what remains of his house in nuseirat.

البروفيسور جمعة أبو شيحة يصل إلى ما تبقى من منزله في النصيرات.

تجربة مؤلمة

وصف البروفيسور أبو شحادة كيف بنى منزله بيديه، واصفاً اللحظة التي جلب فيها عائلته للعيش فيه باللحظة التي لا تُنسى. قال: “لا أجد منزلاً، أرى فقط تدميراً وليس منزلاً. لم أتوقع هذا، توقعت العودة لمنزل يأويني وأطفالي”.

وأشار إلى غرفة بناته وغرفة أبنائه، التي كانت مزينة بعناية وأصبحت الآن مدمرة. وأوضح: “الشعور لا يوصف”.

مهمة بناء شاقة

تشير التقارير إلى أن هناك مهمة ضخمة لإعادة البناء. وقد اتهمت الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية إسرائيل بإعاقة تدفق المساعدات. وفي وقت ما، هددت الولايات المتحدة بتقليل المساعدات العسكرية لإسرائيل ما لم يُسمح بإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة. من جهتها، تنفي إسرائيل فرض أي قيود على المساعدات.
رابط المصدر

عبرت شاحنات المساعدة إلى القطاع طوال فترة بعد الظهر. من بينها كان هناك قافلة من المنظمة الخيرية الأردنية الهاشمية،
التي أبلغنا عنها الأسبوع الماضي، في رحلتها من عمان نحو غزة.

مساعدة إنسانية للملايين

قامت الرافعات بنقل أطنان من الأدوية والمواد الغذائية لإغاثة نحو مليوني نازح في غزة، أي ما يعادل تقريباً 90% من السكان.

شاحنات محملة بالمساعدات تدخل عبر معبر رفح صباح يوم الأحد 19 يناير

أزمة نفسية حادة

المساعدات تُعد دعماً ملموساً يمكن وزنه وحسابه وتحميله وتوزيعه في نهاية المطاف. يمكن تغذية الناس ومنحهم أدوية. لكن هناك تحدي آخر يتطلب الكثير: الصدمة النفسية التي عانى منها الكثير من البالغين والأطفال جراء الحرب.

قصص مؤثرة لغزة المحاصرة

لقد سجلنا بعض القصص وندرك أن هناك عشرات الآلاف من القصص الأخرى التي لم تُروى بعد.

معاناة الأطفال في غزة

الأطفال يعانون بشكل كبير. وفقًا لمسح أجرته منظمة “وور تشايلد” الخيرية البريطانية على مقدمي الرعاية لـ504 أطفال، شعر 96% منهم بأن الموت كان وشيكًا.

كما أظهرت المقابلات أن 49% من الأطفال يرغبون في الموت، وكثيرًا ما سمع صحفيونا الناجين الصغار يقولون إنهم يتمنون أن يلحقوا بأم متوفية أو أب أو شقيق.

قصة أمجد الهندي

كان عُمر الهندي، البالغ من العمر عشر سنوات، الناجي الوحيد من ضربة جوية إسرائيلية على المبنى الذي كان يعيش فيه في بيت لاهيا في أكتوبر الماضي. أحد زملائنا في المنطقة صور عُمر في المستشفى مباشرة بعد الهجوم.

الأرض حوله كانت مليئة بالجرحى. جلست امرأة وخرجت الدماء من أذنها. كان رجل قريب قد توفي للتو.

كان عُمر يسأل مرارًا: “أين شريف؟”. قالت له ممرضة إن شريف بخير. “سأقودك لرؤيته”. لكن شريف، شقيقه، لم ينجُ، ولم ينج أيضًا شقيقه الآخر علي ولا شقيقته أسيل ولا والديه. كل العائلة فُقدت.

ما بعد الهدنة

بعد الإعلان عن اتفاق الهدنة، عدنا لرؤية ما حدث لعُمر الهندي. كان يعيش مع جديه، ومن الواضح أنهما يحبانّه برعاية وحرص. بُترت ثلاثة من أصابع قدمه بعد القصف، لكنه كان يقوى على المشي بشكل طبيعي.

جلس عُمر في حضن جده ونظر مباشرة إلى الكاميرا، كان هادئًا، وكأنه يطل من وراء ستار حماية سميك. وبدأ يتحدث عن شقيقه علي، وكيف كان يرغب في الذهاب إلى الأردن للدراسة ليصبح طبيبًا.

“أتمنى أن أكون مثل علي. أريد أن أحقق حلمه، وأسافر إلى الأردن لأصبح طبيبًا”، قال عُمر. لكن خلال الكلمات الأخيرة بدأت دموعه تتساقط وانهار في بكاء.

الحياة بعد الفقدان

قبّل جد عُمر حفيده، وقال له “حبيبي” وربت على صدره.

في هذه اللحظة، يُفهم أن هناك حروبًا كثيرة هنا.

بعضها توقف، وآخرون، بالنسبة للناجين، ستعيش في الذكريات لفترة طويلة.

بإعداد إضافي من أليس دوير، ملاك حسونة وآدم كامبل.

تحركات اللحظات الأخيرة لإنجاز الاتفاق التاريخي في غزة

بعد مفاوضات شاقة، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي بشأن غزة قبل انتهاء المهلة المحددة بعشر دقائق فقط. حمل هذا الاتفاق آمالاً جديدة في المستقبل للأهالي الذين يعانون منذ سنوات طويلة.
رابط المصدر

مأساة قافلة المساعدات تبرز الخوف من المجاعة في غزة

كتب فرغال كين عن حادثة مؤلمة لقافلة مساعدات كانت تهدف إلى التخفيف من معاناة سكان غزة، لكن الأعطال الأمنية أعاقت وصولها. تظهر هذه الحوادث كيف يعيش أهالي غزة تحت وطأة الخوف من المجاعة المستمرة.
رابط المصدر

الحرب الإسرائيلية على غزة

غزة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.