خبراء: التمارين المكثفة لا تؤدي بالضرورة إلى حرق سعرات حرارية أعلى
في عام 2012، بدأ عالم الأنثروبولوجيا الأميركي هيرمان بونتزر، صاحب الكتاب الشهير “حرق” (Burn) الذي صدر في 2021، دراسة حول التمثيل الغذائي لقبيلة “هادزا” في تنزانيا. يعيش أفراد القبيلة حياة نشطة كثيرة الحركة، ما بين المشي والركض ورفع الأحمال الثقيلة. كان الافتراض الأساسي لبونتزر هو أن أفراد القبيلة “يحرقون سعرات حرارية بكثافة، كما لو كانوا أفرانًا متحركة”. ومع ذلك، عند مقارنة استهلاكهم اليومي للطاقة بأقرانهم من موظفي المكاتب في الولايات المتحدة، كانت النتائج غير متوقعة إذ أظهرت أنها “متشابهة تقريبًا”.
دفعت هذه النتائج بونتزر إلى تطوير نظرية جديدة تعرف بـ”نموذج الإنفاق الإجمالي للطاقة”، التي تشير إلى أن جسم الإنسان لديه القدرة على تعديل استهلاك السعرات الحرارية، خاصة أثناء النشاط المكثف، عن طريق تقليل أو تعطيل بعض العمليات البيولوجية للحفاظ على مستوى ثابت من السعرات. وأوضح بونتزر، “لقد أجرينا دراسات على أشخاص نشيطين جداً كالمتسابقين، وأشخاص خاملين تماماً، واكتشفنا أنهم يحرقون تقريباً نفس الكمية من السعرات الحرارية”. هذا يفسر إلى حد ما لماذا لا نفقد الوزن بشكل ملحوظ عند ممارسة الرياضة، رغم فوائدها الصحية العديدة.
أفكار مماثلة من باحثين آخرين
توصلت الدكتورة ميشيل سيجار، المتخصصة في علم التحفيز ومؤلفة كتاب “لا تعرق” (No Sweat)، إلى نفس النتيجة التي توصل إليها بونتزر. ففي مقال نشرته عام 2017 على موقع “يو إس نيوز” أوضحت، “ممارسة الرياضة بهدف إنقاص الوزن ليست خياراً ناجحاً غالباً لالتزام الناس بالتمارين على المدى الطويل”. كما أشارت إلى أن النشاط البدني يُعتبر “وسيلة غير فعالة لفقدان الوزن”، مستندة إلى دراسة تضمنت 2000 شخص من بلدان مختلفة على مدى خمس سنوات، وأسفرت عن أن “النشاط البدني لا يحقق عادة تناقصاً ملحوظاً في الوزن”.
آراء خبراء آخرين
أوضح مارتن جيبالا، مبتكر نهج التدريب المتقطع عالي الكثافة، في تصريحات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، أن التمارين الرياضية ليست العامل الأكبر في التحكم بالوزن. وأضاف أن تعديل النظام الغذائي وتخفيض السعرات الحرارية يُعتبر أسهل وأسرع طريقة من الاعتماد على الرياضة وحدها.
أدلى كيفن هول، العالم البارز في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، برأيه مشددًا على عدم فعالية الرياضة كأداة لإنقاص الوزن. ولفت الانتباه إلى دور التمارين في تحسين الصحة العامة، حيث يرى أنها قد تكون أفضل خطوة يمكن اتخاذها لتعزيز الصحة بعد الإقلاع عن التدخين، ولكنها ليست الوسيلة المثلى لتخفيض الوزن.
فعالية التمارين الرياضية في فقدان الوزن مبالغ فيها
أوضح الدكتور أندرو جاجيم، أخصائي فسيولوجيا التمارين،
يوضح موقع مايو كلينك أن العديد من الأشخاص قد لا يجدون نتائج ملموسة في فقدان الوزن بالقدر الذي توقعوه من ممارسة التمارين الرياضية. لذا، يعتبر البعض أن الجهد المبذول في التمارين ليس مُجدياً. إلا أن الرياضة ليست مضيعة للوقت؛ فهي توفر فوائد صحية مهمة وتساعد في الوقاية من الأمراض المزمنة وتقليل خطر الوفاة. ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن يكون هناك مبالغة في الحديث عن فعاليتها في إنقاص الوزن.
إجابات مثيرة حول حرق السعرات الحرارية
مع تركيز كثير من الناس على التحكم في الوزن وحرق السعرات الحرارية، وخصوصاً في بداية كل عام جديد، تحدث عالم الأبحاث د.هيرمان بونتزر إلى صحيفة “واشنطن بوست” عن آخر ما توصلت إليه الأبحاث في مجال التمثيل الغذائي، وعلاقة الرياضة بزيادته أو خفضه، ومدى إمكانية تعزيزه عبر الإجابة عن الأسئلة التالية:
-
ما هو التمثيل الغذائي؟
-
هل يتباطأ التمثيل الغذائي في منتصف العمر وهل يختلف بين الرجال والنساء؟
-
هل الركض أكثر يعني حرق المزيد من السعرات وفقدان الوزن بشكل أكبر؟
-
هل يمكن تعزيز عملية التمثيل الغذائي بتناول الحبوب أو الأطعمة الصحية؟
بونتزر: التمثيل الغذائي هو مجموع العمليات الكيميائية التي تقوم بها خلايا الجسم يومياً لتوفير الطاقة اللازمة لوظائفه الأساسية مثل التنفس والهضم.
بونتزر: التمثيل الغذائي لا يتباطأ بشكل ملحوظ حتى بعد سن الستين.
بونتزر: الأمر ليس بهذه البساطة. عند ممارسة الرياضة، نحرق المزيد من الطاقة، لكن مع جعلها عادة يومية، تتكيف أجسامنا مع هذا الوضع مما يقلل من الزيادة في السعرات المحروقة.
إلا أن هناك جوانب إيجابية، حيث تؤدي الرياضة إلى تقليل الالتهابات وآثار الإجهاد، مما يجعلها ضرورية للصحة العامة.
بونتزر:
النظام الغذائي وتأثيره على حرق السعرات الحرارية
لا توجد وسيلة فعالة لتعزيز عملية التمثيل الغذائي لدينا من خلال النظام الغذائي فقط. تناول كميات كبيرة من الأطعمة منخفضة الكربوهيدرات، أو منخفضة الدهون، أو عالية البروتين لم يظهر أي تأثير واضح على عدد السعرات الحرارية التي يتم حرقها يوميًا.
ما العوامل المؤثرة في حرق السعرات الحرارية؟
يُبين بونتزر أن العامل الرئيسي الذي يحدد حرق السعرات الحرارية هو “حجم الجسم ونوع الخلايا”. الشخصيات الأكبر حجمًا تحرق سعرات حرارية أكثر، في حين تستهلك الخلايا الدهنية طاقة أقل مقارنة بغيرها. وعند مقارنة الرجال بالنساء، نجد أن الرجال يحرقون المزيد من السعرات الحرارية عادة لكونهم أكبر حجما وأقل دهونًا. لكنه يضيف أنه “إذا تساوت نسبة الدهون وحجم الجسم بين الرجل والمرأة، فستكون السعرات الحرارية المحروقة متساوية أيضًا”.
حرق السعرات الحرارية في مرحلة المراهقة
بونتزر: نعم، يُلاحظ أن المراهقين يستهلكون أعلى معدل من السعرات الحرارية في هذه المرحلة من حياتهم. رغم ذلك، فإن استهلاك السعرات الحرارية يكون في ذروته في عمر 3 أو 4 سنوات بسبب النشاط المرتفع للخلايا أثناء النمو والتطور.
